أيمن القباني نائب رئيس الجمعية العربية للروبوت والذكاء الاصطناعي -رئيس مجلس ادارة تكنوفيوتشر مصر
جاءت جائحة كورونا لتسرع من تغير شكل سوق العمل عالميا فوفقأ للمنتدي الاقتصادي العالمي الذي أقيم خلال شهر اكتوبر الماضي فإن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات ستحل محل الانسان في 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025 واستحداث نحو 97 مليون وظيفة جديدة .
ونظرأ لأننا نشهد الآن الثورة الصناعية الرابعة للتكنولوجيا والممثلة في الذكاء الاصطناعي وعلم الروبوتات وانترنت الاشياء فقد ادي هذا الامر الي تغير شكل الوظائف بالعالم واتجاة المؤسسات والافراد الي الاعتماد علي التكنولوجيا لتأدية الاعمال سواء المنزلية او في المؤسسات والشركات.
ويُعتبر الذكاء الاصطناعي أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوجيا في العصر الحالي، ويُمكن تعريف مصطلح الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الآلات واجهزة الحاسب الرقميّة على القيام بمهام معينة كالقدرة على التفكير أو التعلم من التجارب السابقة أو غيرها من العمليات الأخرى التي تتطلب عمليات ذهنية، كما يهدف أيضأ للوصول إلى أنظمة تتمتع بالذكاء وتتصرف على غرار البشر من حيث درجة التعلم والفهم، بحيث تقدم تلك الأنظمة لمستخدميها خدمات مختلفة من التعليم والإرشاد والتفاعل وما إلى ذلك.
وهناك العديد من الأيجابيات والفوائد التي تترتب على استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي تدفع اصحاب الشركات والاعمال الى الاعتماد عليها فى تأدية الاعمال، على رأسها العمل الدائم من خلال إمكانية قيام الآلات بعملها بشكل مستمر دون الشعور بكلل أو ملل، وثبات قدرتها على الإنتاج الدائم دون النظر إلى الوقت أو الظروف المحيطة بالعمل.
إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات حيث اعتمدت العديد من المؤسسات الكبرى على أنظمة الذكاء الاصطناعي فى تقديم الخدمة للعملاء بدلأ من الموظف التقليدي ومن ثم التخلص من الأعمال المتكررة اذ يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للقيام بالأعمال الاعتيادية النمطية التي تتطلب نفس آلية العمل في كل مرة، كما يمكن استخدام هذه الأنظمة للقيام بالأعمال التي قد تشكل خطراً على حياة الإنسان.
كما يتيح الذكاء الاصطناعي القدرة على وتخزين معالجة كم هائل من البيانات ، بالإضافة إلى الدقة وتقليل هامش الخطأ إن استخدام الإنسان لأنظمة الذكاء الاصطناعي يساهم في الحد من نسبة الخطأ التي قد تحدث أثناء تنفيذ المهام، بالاضافة الى الدقة الكبيرة في تأدية هذه المهام)
تستطيع الروبوتات و أنظمة الذكاء الاصطناعي القيام بالأعمال التي قد يعجز البشر عن تأديتها، كعمليات التنقيب واستكشاف الأماكن التي يصعب الوصول إليها ، وعلى عكس الإنسان لا يتأثر الروبوت بأية عواطف قد تعيق سير العمل، فهذه الأنظمة لا تتصف بالمزاجية وإنما تعمل وفق طريقة تفكير منطقية، مما يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة خلال وقت زمني قصير.
فكل وظيفة لها اسس نمطية او مراحل ثابتة سيتم الاستغناء عنها و يحل محلها الروبوتات وبالتالي ستختفي جميع الوظائف الأدارية والنمطية والعديد من الوظائف الاخري مثل السائق والبائع والمحاسب وموظفي البنوك وبعض تخصصات الدكاترة والهندسة وسيتم استحداث وظائف هامة وهي مصممي ومبرمجي الروبوتات وعمال صيانة الآلآت ومن اهم الوظائف التي سيكون عليها طلب كبير هي محللي البيانات وجميع الوظائف الاجتماعية والاطباء النفسيين والفنانين والوظائف الترفيهية.
ولعل هذا الأمر يجعلنا نفكر كيف نعد انفسنا وطلابنا لمواجهة سوق العمل الذي يتغير بشدة هذه الايام والذي يعتمد علي تطور تكنولوجي سريع والاعتماد عليها في كافة مجالات حياتنا فمهما كانت الوظيفة التي ستشغلها في المستقبل ستعتمد بقدر كبير علي التكنولوجيا .
وهنا تظهر الاهمية الكبري لبدء تعليم الطلاب من الصغر تكنولوجيا المعلومات وكيفية تصميم وبرمجة الروبوتات وأن تكون مادة اساسية في مدارسنا من الصف الاول الابتدائي حتي الصف الثالث الثانوي وان يكون هناك تخصصات في الجامعة لتعليم الذكاء الاصطناعي لتخريج اعداد كبيرة يمكنها مواجهة سوق العمل.
وقد بدأت في مصر منذ عام 2004 قيام عدد من مراكز التدريب الخاصة بتدرب الطلاب في مراحل الدراسة من الابتدائي الي الثانوي علي تصميم وبرمجة الروبوتات ويشاركون في العديد من المسابقات العربية والعالمية تحت رعاية بعض مؤسسات الدولة.
ومن خلال تلك التجربة التي تزيد عن 16 عاما نجد ان الطلاب في هذه المرحلة العمرية استطاعوا ان يستوعبوا تماما مهارات التصميم والبرمجة وتفاعلو مع طرق التدريس التي تعتمد علي تنفيذ مشاريع لتفيذ مهام محددة بواسطة الروبوت لحل مشكلة عامة.
كما ان الطلاب اجادوا بخلاف مهارات التصميم والبرمجة مهارات أخري مثل مهارات القرن الواحد والعشرين والتفكير المنطقي وحل المشكلات بطريقة ابداعية والعمل الجماعي وكيفيه عرض وتقديم حلول للمشكلات بطريقة مبتكرة .
ووجدنا ان العديد من النظريات التي تدرس في المدارس بطريقة تقليدية يمكن ان تصل للطالب بطريقة سهلة ومقنعة مثل القصور الذاتي ومراكز الثقل ونظريات الحركة والعديد من النظريات التي يجد الطالب صعوبة في استيعابها تكون بسيطة وسهلة الفهم عند دراستها من خلال تصميمه لروبوت ينفذ هذه النظرية.
وقد حققت مصر العديد من الجوائز العالمية نتيجة تميز طلابها في هذا المجال الامر الذي يدعونا الى الرغبة في نشر ثقافة علوم الروبوت والذكاء الاصطناعي لجميع طلاب مصر من خلال إدراج تلك المواد في التعليم الاساسي كمواد عملية وليست نظرية لخلق قاعده عريضة تستطيع مواجهة تغيرات وظائف المستقبل حيث ان الاعداد التي يتم تدريبها عن طريق المراكز الخاصة التي تصل الي مائة مركز بمختلف محافظات مصر مازالت بعيدة جدا عن تعداد طلابنا بالمدارس.