تحت رعاية الشيخة عفراء بنت زايد بن سلطان آل نهيان تم إطلاق الترجمة الإنجليزية لخواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي –رحمه الله– وذلك للمرة الأولى في 27 مجلدًا مطبوعًا ورقميًا على موقع وتطبيقات إلكترونية تتيح الخواطر باللغتين العربية والإنجليزية.
جاء ذلك خلال احتفالية عقدت، اليوم الأربعاء، بالقاهرة بحضور عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف على رأسهم أ.د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ولفيف من رجال الدين، والشخصيات العامة وأعضاء السلك الدبلوماسي بسفارة الإمارات بالقاهرة.
وقد اختارت الشيخة عفراء بنت زايد آل نهيان أن ترعى هذا المشروع لإثراء المكتبة الإسلامية ولإتاحة الفرصة للناطقين باللغة الإنجليزية ليزدادوا علمًا بمعاني القرآن الكريم التي شرحت باستفاضة في خواطر الشيخ الشعراوي. وقد أهدته إلى روح المغفور لهما والدها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وشقيقها الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان -طيب الله ثراهما وتغمدهما بواسع رحمته وعظيم غفرانه وليكون صدقة جارية على روحيهما بإذن الله.
وأوكلت سموها هذا المشروع الكبير إلى جماعة من أهل الفكر والاختصاص حيث تم اختيار مجموعة من العلماء من مؤسسة علمية متخصصة في علوم الترجمة بإشراف د. حسن عباس زكي رحمه الله، د. علي جمعة، و د. محمد بدوي لاختيار فريق من العلماء وأساتذة الجامعات المصرية والعربية ومجموعة من المترجمين لإتمام المشروع.
تم إنجاز المشروع في سبعة عشر عامًا بمشاركة فريق علمي وإداري مكون من المدير التنفيذي للمشروع المرحوم محمد عبد اللطيف والاستشاري د. محمد حسني واللجنة المشرفة المكونة من المستشار الدكتور عبد الحميد عبد الحي وتامر الغرباوي ونورهان نور والدكتور عبد الكريم القدومي وجهاد إبراهيم وحمد مصطفى الذين قاموا بالإشراف الإداري على المشروع.
ومن جانبه، قال د. علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن التطبيق هو امتداد للفكر الأكاديمي والديني للشيخ محمد متولي الشعراوي، وفرصة للتعبير عن التسامح والمفاهيم الوسطية لمعاني الدين الإسلامي الحنيف، مؤكدًا أن أهمية هذا التفسير تأتي من كونه حوى كثيرًا من المصادر التراثية التي أعلن عنها الشيخ الشعراوي في ثنايا تفسيره، وأفصح عن أسماء مؤلفيها بين تعابيره، كما أنه كان مرآة صادقة لحوادث زماننا، وعلاجًا نافعًا لفتن أيامنا، وخلاصة تجارب عاشها الشيخ الشعراوي –رحمه الله- بين مصر والسعودية والجزائر وأمريكا وأوروبا، فقد أتاحت كل هذه الرحلات أن يلتقي الشيخ بالعديد من العلماء المسلمين والمستشرقين، فكانت إفادته من علماء عصره، واجتهاده في رد الشبهات عن القرآن الكريم، وظهرت سمات تفسيره وخصائصه في رد شكوك الملحدين والطاعنين في عظمة كتاب الله وإعجازه.
وأشار د. عبد الحميد عبد الحي، المنسق العام للفاعلية، إلى أنه ليس بجديد على دولة الإمارات وشيوخها الكرام أن تتكفل بمثل هذه المشروعات الموسوعية الكبيرة وأن مساهماتهم الخيرية في مختلف المجالات الإنسانية لا تنقطع، فقد تربّوا على نهج والدهم المغفور له الشيخ زايد –رحمه الله- وقد عرفه القاصي والداني بزايد الخير لكثرة أفعاله الخيّرة طوال حياته، وقد امتد خيره من بعده مع أبناءه. مؤكدًا على أهمية مشروع ترجمة “خواطر الشيخ الشعراوي” إلى اللغة الإنجليزية، الذي سينشر مفاهيم وتعاليم الدين الإسلامي الوسطيّ وسيساهم في الاستزادة من علوم القرآن الكريم وفهمٍ لتعاليمه فهمًا سليمًا سمحًا. كما سيساهم التطبيق في انتشار ووصول هذا العلم إلى المسلمين الغير الناطقين بالعربيّة أو الباحثين في المجالات الإسلامية، حيث أن المشروع بأكمله وقف خيريّ وموقعه وتطبيقاته الإلكترونية مجانية ومتاحة للجميع.
وأكد الشيخ سامي متولي الشعراوي نجل الإمام الراحل أن مشروع الترجمة ونشرها من خلال التطبيق يعتبر امتدادًا لسيرة والده العطرة، والتي يشهد بها الجميع، من خلال خواطره وتفسيره لكتاب الله ودستور المسلمين، مشيرًا إلى أن التفسير يحتوي على جواهر التراث العربي وكنوزه، وأقوال السلف الصالح من فصيح المنثور، وما ورد فيه من قصص تراثية نثرية، وأمثال عربية حِكَمِيَّة، اختصرت كثيرًا من كتب التراث، وقربتها بعبارة دقيقة، وألفاظ سهلة رقيقة، وقول محكم، وأسلوب عذب جذاب، مما جعل كلام الشعراوي – رحمه الله- قريب المأخذ، سهل الفهم، يجد فيه البليغ غايته، من ألوان الفصاحة وضروب البلاغة وفنونها المنشودة، ويستمتع فيه الأُمِّيُّ بمعرفة أحكام دينه المطلوبة.
ويعمل التطبيق على تسهيل الوصول إلى خواطر الشيخ الشعراوي عن طريق خاصية البحث بخواطر آية معينة في أي سورة من سور القرآن، كما أن لديها خاصية متاحة أيضًا في حلقات خواطر الشيخ الشعراوي المرئية، مما يوفر على المستخدمين والباحثين سرعة التعلّم والوصول إلى خواطر أي آية من آيات القرآن الكريم. كما يوفر التطبيق نسخة كاملة من القرآن الكريم للقراءة أو الاستماع بأصوات مجموعة من المقرئين، مع وجود شرح لمعاني الكلمات، وتفسير للآيات باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مجموعة من مستلزمات المسلم في حياته اليوميّة من خاصية التسبيح، ومواقيت الصلاة واتجاه القبلة، ليكون بهذا تطبيقًا إسلاميًا شاملًا.
وقد استلهمت الشيخة عفراء بنت زايد آل نهيان تصميم التطبيق لـ “خواطر الشعراوي” من تصميمات جامع الشيخ زايد الكبير الصرح الإسلامي البارز في دولة الإمارات، الذي يتميز بأسلوبه الاستثنائيّ والمبتكر في العمارة الإسلامية. ويقع المسجد في مدينة أبوظبي ويعرف محليًا بمسجد الشيخ زايد أو المسجد الكبير، ويعد سادس أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة الكلية.
ويذكر أن الشيخ محمد متولي الشعراوي قد شغل منصب وزير الأوقاف سابقًا، كما أنه يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة والذي جعل كثيرًا من أهل الإسلام يجدون في هذا التفسير ما يشبع نهمهم، ويروي ظمأهم، فاستطاع بفضله أن يتسلل إلى قلوب الناس أجمعين، حتى أجمع الصالحون من أهل زماننا أنه إمام عصره ولقّبوه بــ”إمام الدعاة“.