الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتوصلان لاتفاق حول مشاركة البيانات بين شركات التكنولوجيا العملاقة
كسر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حالة الجمود بشأن التوصل إلى اتفاقية جديدة لنقل البيانات، ما قد يؤدي إلى تجنّب سيناريو كارثي ربما كانت ستواجهه شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل “ميتا بلاتفورمز” وآلاف الشركات الأخرى التي تعتمد على التدفق الحر للمعلومات عبر المحيط الأطلسي وفقًا لبلومبرج.
قال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنهما توصلا من حيث المبدأ إلى اتفاقية جديدة، بعد إلغاء ترتيب سابق بسبب مخاوف تتعلق بقدرة الوكالات الأمريكية على التجسس على المعلومات دون وجود ضمانات كافية للخصوصية.
كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تغريدة أن الاتفاق الجديد “سيتيح تدفق البيانات بطريقة قابلة للتنبؤ، وموثوقة، ويوازن بين الأمن والحق في الخصوصية وحماية البيانات”.
بينما لا يزال المفاوضون بحاجة إلى إنجاز التفاصيل الأكثر دقة، فإنّ النتيجة قد تشير إلى نهاية حالة عدم اليقين بشأن تدفقات البيانات، التي كانت قد دفعت شركة “ميتا” المالكة لـ”فيسبوك” إلى التحذير من انسحاب محتمل من الاتحاد الأوروبي إذا استمر الفراغ القانوني.
تصاعدت المخاوف القانونية عندما أصدرت محكمة العدل الأوروبية، وهي المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي، حكماً مفاجئاً في عام 2020 بإسقاط ما يسمى “درع الخصوصية” -وهو اتفاق نقل البيانات عبر المحيط الأطلسي- بسبب مخاوف طويلة الأمد من أن بيانات المواطنين ليست آمنة من المراقبة الأمريكية.
وبينما أيدت المحكمة إنشاء نظام منفصل قائم على العقود لمواصلة نقل البيانات، فإنّ الشكوك التي أعرب عنها قضاة الاتحاد الأوروبي بشأن حماية البيانات الأمريكية جعلت هذا البديل هشاً أيضاً.
يذكر أن الاتفاق السياسي الذي جرى التوصل إليه يوم الجمعة يأتي في أعقاب زيارة قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بروكسل، إذ شارك أيضاً في قمم متتالية يوم الخميس لحلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي.
صرح مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية الأمريكية يوم الجمعة، عقب الاجتماع في بروكسل، بأن الهدف من هذا الاختراق هو ضمان خصوصية البيانات وأمنها، وحماية حركة البيانات “التي شكلت الأساس لعلاقة اقتصادية قيمتها 7.1 تريليون دولار بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
قال سوليفان إنّ الاتفاقية “تضعنا حقاً في وضع يسمح لنا بضمان حماية شركات التكنولوجيا الأمريكية -أجل، الشركات الكبيرة، ولكن بشكل خاص الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم- ونحن نمضي قُدماً ليكون بمقدورها العمل بشكل كامل وآمن في سياق العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
أجبر حكم محكمة الاتحاد الأوروبي لعام 2020 الجهات التنظيمية على جانبي المحيط الأطلسي وسلطات حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي على استئناف محاولة إيجاد حل للقضية، إذ تعيَّن على هذه الجهات مجابهة التداعيات المتعلقة بالشكوك حول سلامة بيانات المستخدم في الاتحاد الأوروبي بمجرد نقلها إلى الولايات المتحدة. كان الحكم يعني أنه يتوجب على آلاف الشركات التي تنقل البيانات التجارية إلى الولايات المتحدة اكتشاف طرق بديلة للحفاظ على تدفق بياناتها.
لسنوات، كانت عمليات نقل البيانات محفوفة بالصعوبات، ولم يكن لدى قضاة الاتحاد الأوروبي خوف من التدخل فيها، إذ ألغت المحكمة العليا في الاتحاد الأوروبي في عام 2015 نظاماً سابقاً لنقل البيانات عبر المحيط الأطلسي، يُدعى “الملاذ الآمن”، بسبب مخاوف من حصول الجواسيس الأمريكيين على إمكانية وصول غير مقيد إلى بيانات الاتحاد الأوروبي.
يعود الجدل إلى عام 2013، عندما كشف المتعاقد السابق إدوارد سنودن عن مدى التجسس الذي تقوم به وكالة الأمن القومي الأمريكية. وكان الناشط في شؤون الخصوصية، ماكس شرمس، قد دخل في دعاوى قضائية مع “فيسبوك” في المحاكم الأيرلندية –مكان مقر شركة التواصل الاجتماعي في أوروبا- بحجة أن بيانات مواطني الاتحاد الأوروبي في خطر لحظة نقلها إلى الولايات المتحدة.
قال شرمس يوم الجمعة إنه غير مقتنع بأن المسوّدة الجديدة للاتفاق ستحلّ مشكلات سابقاتها، وشكك في توقيت الإعلان.
أشار في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إلى أن “الصفقة يبدو أنها كانت رمزاً أرادته فون دير لاين، لكن لا تحظى بدعم الخبراء في بروكسل، لأن الولايات المتحدة لم تتزحزح… إنه لأمر مروّع بشكل خاصّ ما يُزعم بأن الولايات المتحدة استخدمت الحرب على أوكرانيا لدفع الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المسألة الاقتصادية”.