بدأت منذ أيام بعض الأنباء عن احتمالية استحواذ جهاز قطر للاستثمار على ما يقرب من 20% من حصة «المصرية للاتصالات» في شركة «فودافون مصر» والتي تقدر بحوالي 45% من الشركة الأكبر في سوق المحمول المصري.
يأتي ذلك بعد أيام من إعلان «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» موافقته على نقل ملكية 55% من أسهم «فودافون مصر» إلى شركة «فوداكوم» الجنوب إفريقية والتابعة كذلك للمجموعة العالمية «فودافون جروب» في صفقة بقيمة 2.7 مليار يورو، بما يحدد القيمة السوقية للشركة المحلية بما يوازي 5.1 مليار يورو (99 مليار جنيه)
نفي المصرية للاتصالات وتأكيدات السوق
ونفت الشركة «المصرية للاتصالات» في بيان للبورصة تلقيها أية عروض رسمية للاستحواذ على جزء من حصتها في «فودافون» مؤكدة على أنها في حالة تلقيها أية عروض ستفصح عن ذلك للبورصة.
غير أن مصدرين ذوي صلة بالصفقة أكدا على احتمالية تنفيذ صفقة الاستحواذ على 20% من الشركة خلال شهرين على الأرجح.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة منتصف العام الجاري عن نيتها في التخارج من ملكية عدد كبير من الشركات التابعة لها او المملوكة للجهات الحكومية أو حتى تلك التي تساهم فيها، ونشرت في «وثيقة ملكية الدولة» نيتها للتخارج من بعض القطاعات أو التوسع في غيرها.
وتحدد وثيقة ملكية الدولة إمكانية التخارج من 22% من الأنشطة التي تشارك بها الحكومة بقطاع الاتصالات والإبقاء مع إمكانية تخارج بنسية 22% وتستحوذ 56% من الأنشطة على احتمالية الإبقاء مع زيادة الاستثمارات الحكومية في المجال. ويناقش المؤتمر الاقتصادي الذي تنطلق فعالياته اليوم وثيقة سياسات ملكية الدولة التي مازالت في طور الإعداد.
المشغل الأكبر
وتستحوذ «فودافون مصر« على 43% من سوق المحمول في السوق المحلية بإجمالي عدد مستخدمين حوالي 43 مليون مشترك، فيما سجل عدد المشتركين في خدمات الانترنت الثابت لدى الشركة أكثر من 925 ألف مشترك بحصة سوقية حوالي 9% من سوق الإنترنت الأرضي.
وعلى مستوى الإيرادات نجحت الشركة الانجليزية المصرية -حتى الآن- في تحقيق صافي أرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك ما يقرب من 14.75 مليار جنيه (804 مليون يورو) خلال العام المالي 2021-2022، وذلك مقارنة بـ 12.26 مليار جنيه في 2020-2021، محققة معدل نمو يتخطى الـ 23.3%، وبلغت إيرادات الشركة في مصر خلال السنة المالية التي تبدأ في إبريل وتنتهي في مارس من العالم التالي، حوالي 33.3 مليار جنيه (1.8 مليار يورو) مقارنة بـ29 مليار جنيه خلال السنة المالية السابقة للشركة.
أزمة المجموعة
يأتي العرض الحالي الذي يركز على منح المساهم المصري السيولة الدولارية المستهدفة في وقت تعاني فيه المجموعة الأم من صعوبات متعددة ومع اقتراب موسم الشتاء من المتوقع أن تشهد خدمات الاتصالات في القارة العجوز صعوبات أكبر بما يضع على مشغلو المحمول في القارة تحديات جديدة تضاف إلى الجدول الطويل من الصعوبات التي تعاني منها الصناعة عمومًا و«فودافون» على وجه الخصوص.
حيث أكدت عدد من التقارير أن أزمة الوقود يمكن أن تنعكس على صناعة الاتصالات وبالتالي تهدد الهواتف المحمولة لتصبح معطلة بالكامل في جميع أنحاء أوروبا هذا الشتاء، إذا أدى انقطاع التيار الكهربائي أو تقنين الطاقة إلى تعطيل أجزاء من شبكات الهاتف المحمول في جميع أنحاء المنطقة، إذ أدى قرار روسيا بوقف إمدادات الغاز عبر طريق الإمداد الرئيسي لأوروبا في أعقاب الصراع في أوكرانيا إلى زيادة فرص حدوث نقص في الطاقة.
أزمة نقص الوقود ليست الوحيدة التي تواجه «فودافون العالمية»، حيث تخطط «فودافون» لبيع جزء من حصتها البالغة 82% تقريباً في «فانتاج» المتخصصة في أبراج التقوية، ودعت الشركات الراغبة للمشاركة في تقديم عروض الشراء، يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت شركات الاتصالات بأوروبا في بيع أصول البنية التحتية لجمع الأموال لاستثمارها في عمليات طرح الألياف الضوئية المكلفة وترقيات الشبكات اللاسلكية، فضلاً عن خفض ديونها الضخمة.
الاستثمار الخليجي الثاني
العرض الخليجي الحالي للاستحواذ على حصة من فودافون مصر ليس الأول حيث قدمت أعلنت مجموعة الاتصالات السعودية STC، خلال فبراير 2019، عن نيتها الاستحواذ على الحصة الحاكمة من «فودافون مصر» بنسبة 55% مقابل حوالي 2.4 مليار دولار، غير أن الصفقة تعطلت لعدة أسباب منها جائحة كوفيد-19 التي تسببت في تأجيل تنفيذ الصفقة عدة مرات، وإبداء «المصرية للاتصالات» إمكانية استخدام حق الشفعة في الاستحواذ على كامل أسهم مشغل المحمول الأكبر، غير أن تلك الصفقة لم تتم من أي من الجانبين (STC أو المصرية للاتصالات).
واستبعدت المصادر احتمالية معاودة STC طلب الاستحواذ على الحصة الحاكمة في «فودافون مصر» متوقعين أن يتجه المستثمر القطري إلى اقتناص حصة الأغلبية في حالة تنفيذ الطرح الحالي بشراء 20% من أسهم «فودافون».
المنافسة السمراء
في وقت سابق من العام الجاري أعلنت شركة فودافون العالمية المالكة لحصة 55% من فودافون مصر نقل تبعية الشركة المحلية إلى وحدتها التابعة فوداكوم مقابل 2.7 مليار دولار ولم تبد أسباب واضحة لتلك التحركات.
صفقة الاستحواذ على نصيب فودافون العالمية في فودافون مصر ستتم عبر شراء حصول فودافون العالمية على 242 مليون سهم جديد في شركة فوداكوم بقيمة تصل إلى 1.892 مليار يورو (2.19 مليار دولار). المبلغ المتبقي ستدفعه فوداكوم على هيئة سيولة نقدية وهو ما يقدر بحوالي 473 مليون يورو (547 مليون دولار).
وفي تصريحات سابقة لـ”تكنولدج”، قال أيمن عصام، رئيس قطاع العلاقات الحكومية والخارجية والشئون القانونية في شركة فودافون مصر، إنها حصلت على موافقة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشأن استحواذ فوداكوم الجنوب إفريقية على الحصة الحاكمة من أسهمها بواقع 55% من الأسهم، مضيفًا إنها تنتظر موافقة عدد من الجهات المعنية الأخرى على إتمام الصفقة متوقعا أن يتم الحصول على كافة الموافقات بنهاية العام الجاري.
أنشطة مختلفة
تعمل «فودافون» على تنويع محفظة عملها في مصر من خلال التركيز على خدمات الشمول المالي والتكنولوجيا المالية، حيث تستحوذ على ما يقرب من 65% من المحافظ الإلكترونية على المحمول، ومنذ 6 أشهر أعلنت شركة إم إم جروب للصناعة والتجارة العالمية، اكتتاب شركة فودافون مصر للاتصالات فى زيادة رأسمال شركتي Bee ومصارى المتخصصتين فى الدفع الالكترونى بنسبة 20% تقريبا.
وتأتى هذه الصفقة فى إطار مذكرة التفاهم التى وقعتها شركة فودافون مصر فى 23 فبراير 2021 مع شركة ابتكار القابضة تمهيدًا لمشاركتها فى اكتتاب زيادة رأسمال كلٍّ من شركتي بي ومصاري بحصة تبلغ 20% في كلتا الشركتين.
التحركات القطرية التي تم الكشف عنها مؤخرًا تأتي تكملة لجولات من الصفقات الشبيهة قامت بها الدولتان الشقيقتان المملكة العربية السعودية والإمارات، حيث ضختا ملايين الدولارات في العديد من الشركات سواء تلك المملوكة للجهات الحكومية أو القطاع الخاص، وذلك نتيجة للتحركات التي تقوم بها الدولة المصرية لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتنويع مصادر العملة الأجنبية، لمساندة العملة المحلية وتلبية احتياجات السوق المحلي وخلق مورد دولاري مستدام يحل محل الاستثمارات غير المباشرة “الأموال الساخنة”، التي أدارت ظهرها للأسواق الناشئة في ظل الأزمات المتعددة التي يعاني منها العالم والارتفاع المتتالي للفائدة الأمريكية.
وتبرز الصفقة المحتملة لدخول حكومة قطر في هيكلة ملكية “فودافون”، بعد نحو 4 أشهر من الزيارة التاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسي لدولة قطر في يونيو الماضي، والتي أغلق بها فترة قطيعة بين البلدين الشقيقين، وشهدت مباحثات رفيعة المستوى على مستوى القادة حول تعزيز الاستثمارات، والتقى خلالها الرئيس السيسي رابطة رجال الأعمال القطريين، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار وصندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، وأخرى للتعاون في مجال الموانئ.
أخبار متعلقة
بلومبرج: قطر ترصد 2.5 مليار دولار لشراء حصة الدولة في «فودافون» وشركات أخرى
«أمريكان تاور» تستهدف الاستحواذ على حصة من أبراج «فودافون» بقيمة 12.6 مليار دولار