دفعت جائحة كورونا كبري الشركات العالمية نحو سرعة تنبي مفهوم العمل عن بعد، وعززت التقنيات الرقمية مثل الإنترنت وعقد مكالمات الفيديو كونفراس قدرة الموظفين على أداء مهام عملهم أونلاين من المنزل وسط تطلعات نحو بناء مستقبل خال من انبعاثات الكربون الضارة بالبيئة .
وبحسب دراسة أجرها المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية بالنمسا ونشرت فى العدد الأخير من دورية ” نيتشر إينيرجي ” فإن التعافي من تداعيات جائحة كورونا من شأنه خفض استثمارات إمدادات الطاقة عالميا حتي عام 2030 بقيمة 1.8 تريليون دولار أمريكي .
إلا أن تقرير صادر مؤخرا عن الجمعية الملكية فى بريطانيا ينصح بضرورة إتخاذ إجراءات فعالة وجادة لخفض دقة البث عبر المنصات الإلكترونية لحماية الكوكب خلال السنوات المقبلة. لكن من المأمول أن التكنولوجيا الرقمية، من العدادات الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر العملاقة والذكاء الاصطناعي، يمكن أن تحقق ما يقارب ثلث تخفيضات انبعاثات الكربون المطلوبة بحلول عام 2030.
ويؤكد التقرير أيضا إن خدمات البث لها تأثير سلبي على البيئة، بسبب الطاقة المطلوبة لنقل البيانات، والتي يتم توليد نسبة كبيرة منها من مصادر الطاقة غير المتجددة مثل الغاز والفحم ، لافتا إلي أن إن مساهمة التكنولوجيا الرقمية المقدرة في انبعاثات الكربون العالمية تتراوح من 1.4% إلى 5.9%.
تكنولدج ترصد الآثار المترتبة عن تطبيق مفهوم العمل من المنزل خلال جائحة كورونا على ضمان الاستدامة البيئة عبر مجموعة محاور
استخدام أقل للوقود
تؤكد وكالة حماية البيئة الأمريكية (USEPA) ، أن كل سيارة تنتج في المتوسط حوالي 4.7 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا مع افتراض أن السيارة الواحدة تقطع مسافة 11400 ميل فى المتوسط كل عام ، وأيضا مع احتمالية أن الموظف العادي يتنقل لمسافة 30 ميلًا يوميًا إلى مقر العمل (ما يوافق 7839 ميلًا سنويًا).
فيمكن لكل موظف عن بُعد أن يقلل انبعاثات الكربون المرتبطة بالتنقل بنسبة 69% تقريبًا، أو ما يعادل 3.2 طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام.
الحد من ظاهرة تلوث الهواء
بالإضافة إلى انبعاثات الكربون، تنتج السيارات أكسيد النيتروس (NOX)، والجسيمات المعلقة (PM)، والمركبات العضوية المتطايرة (VOCs). وكلها ملوثات لها آثار سلبية على البيئة، وعلى صحة الإنسان.
على سبيل المثال، يمكن أن يسبب التعرض لثاني أكسيد النيتروجين (NO2) مشاكل في الجهاز التنفسي، مثل الربو أو الالتهابات. وعندما تتفاعل أكاسيد النيتروجين الأخرى مع المركبات العضوية المتطايرة، أو الأمونيا ، أو المركبات الأخرى، فإنها تؤدي إلى تغيير تركيز الأوزون، وحموضة التربة والمياه، كما تؤثر سلبًا على تنوع النظام البيئي.
استخدام مقدار أقل من الطاقة
كشفت دراسة سابقة أجرتها شركة Sun Microsystems ، أنّ استخدام الطاقة في المنزل يقل عن النصف من استخدامات الطاقة فى مكاتب العمل
كما ذكرت الشركة أن كل موظف عن بعد يخفض استهلاك الطاقة بما لا يقل عن 5400 كيلو واط ساعة في السنة. كما تفيد جمعية الإلكترونيات الاستهلاكية (CEA) أنّ العمل عن بُعد هو أحد الحلول الممكنة لمعضلة تغير المناخ، لأنّ استخدام الأجهزة الإلكترونية للعمل عن بعد يمكن أن يوفر من 9 إلى 14 مليار كيلووات / ساعة من الطاقة كل عام الأمر الذي يكفي لتزويد 90 ألف منزل بحاجياتها من الطاقة الكهربائية.
خفض كميات الورق المستهلكة
يستخدم الموظفون عن بُعد البريد الإلكتروني، والبرامج، والتطبيقات السحابية لإرسال الرسائل، وتدوين الملاحظات، وإنشاء المستندات، وإرسال الملفات الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الحاجة إلى الورق.
وبحسب تقارير عالمية ، فإن الموظف الواحد فى المكتب قد يستهلك نحو 100 ألف ورقة سنويا في حين أن الوظائف الرقمية يمكن أن تقضي علي حوالي 247 تريليون ورقة عالمية
سيحتاج الموظفون عن بعد والشركات التي توظفهم إلى مساحة تخزين أصغر، مما يوفر الكثير من تكاليف صيانة مباني المكاتب أو التخزين. ونتيجة لذلك، يتم إنفاق طاقة أقل على التدفئة والتبريد، وعلى معدات الصيانة من الحرائق.
استخدام مواد بلاستيكية أقل
في كل عام، يتم إنتاج 260 مليون طن من النفايات البلاستيكية حول العالم، وقد تم إنتاج ما يقرب من تسعة مليارات طن من البلاستيك حتي أكتوبر الماضي
تساهم أكواب القهوة الورقية، وزجاجات المشروبات، والأواني ذات الاستخدام الواحد، وتغليف المواد الغذائية، والأكياس البلاستيكية التي يستهلكها الموظفون في زيادة كمية النفايات البلاستيكية ، في حين تشير الإحصائيات أن 3 % فقط من الموظفين عن بعد يطلبون الوجبات من الخارج . .