طريقة الاعتماد على التكنولوجيا في الحياة اليومية ربما بدأ يتطور بشكل لا إرادي وبسرعة كبيرة في الوقت ذاته، بعد التسوق عبر الإنترنت، والتعلم بالأدوات التكنولوجية، وبالطبع العمل عن بعد، كانت واحدة من أهم الاحتياجات الأساسية في الحياة، وربما الحاجة للانتماء التي وضعها «مثلث أوسلو» منذ عقود تالية للحاجات الأساسية مباشرة، جاءت كذلك كحاجة أساسية في عصر الإنترنت والتحول الرقمي لكل الحياة.
لعل أكثر ما يثبت ذلك هو النمو الهائل في استخدام تطبيقات التعارف والمواعدة على الإنترنت، التي من المتوقع مع زيادة استخدام الأدوات التقنية أن تشهد معدلات إقبال أكبر خلال الفترات المقبلة.
التطبيقات تحقق 5.6 مليار دولار
إن كانت «لغة الحب» لا تعبر دائمًا عن الحقائق فإن «لغة الأرقام» تفعل بكل كفاءة، حيث أظهرت آخر الإحصائيات الصادرة عن «بيزنس أوف آبس» أن عدد مستخدمي تطبيقات التعارف والمواعدة على الإنترنت تخطى 323 مليون مستخدم بنهاية 2021، وبلغت عدد مرات تحميل تلك التطبيقات مجتمعة حوالي 287 مليون عملية تحميل.
وتأتي التطبيقات التابعة للمجموعة الأمريكية «ماتش» على رأس تطبيقات التعارف على مستوى العالم، حيث تمكنت المجموعة المطورة للتطبيق الأشهر «تندر» ضمن أكثر المجموعات تحقيقًا للإيرادات بحيث تمكنت من جمع ما يزيد عن 3.2 مليار دولار، فيما حققت السوق كاملة 5.61 مليار دولار بنهاية العام.
البحث عن شريك أو صديق “كما يطلق عليه غير العرب” في الوقت الحالي أصبح أكثر سهولة من طرقنا التقليدية المتمثلة في المعارف والأقارب والأصدقاء، فقط بتمريرة على شاشة الهاتف يمينًا أو يسارًا أو أعلى الهاتف تتحكم في تفضيلاتك تجاه الطرف الآخر، ومع الاعتماد على الشاشات بشكل أكبر أبدى أكثر من 20 مليون مستخدم للتطبيقات رغبة في دفع الرسوم مقابل الحصول على معلومات أكثر أو طرق أسهل للتواصل مع الطرف الآخر.
استطاعت تلك التطبيقات في العالم الافتراضي أن تسجل رقمًا لافتًا حيث بلغت تطبيقات مواقع التعارف على مستوى العالم حوالي 8 آلاف موقع وتطبيق، فيما لو اعتبرنا تطبيقات التواصل الاجتماعي التقليدية كذلك منصات للتعارف والمواعدة فإن تلك الأرقام يمكن مضاعفتها بسهولة.
مصر ليست بعيدة
في عام 2019 استحوذت المجموعة الأكبر عالميًا «ماتش» على التطبيق المصري «هارمونيكا» الذي غير اسمه فيما بعد إلى «هوايا» حيث ركز مطوروه على جعل تجربة استخدام التطبيق قريبة من الطرق الشرقية في التعارف للوصول إلى شريك مناسب بخلفيات ثقافية متقاربة ومناسبة للفكر العربي والمصري.
وتأسست شركة “هوايا” في أبريل 2017 من قبل سامح صالح وتامر صالح وعلي خالد وشيماء علي، وهم أربعة من رواد الأعمال المصريين الذين أرادوا استخدام التكنولوجيا لتحسين عملية توفيق الزيجات، ويقدم التطبيق المصري ميزات مبتكرة ومتعددة بما في ذلك خاصية التحقق عن طريق الصورة الشخصية (selfie)، وخيار إضافة وصي، وإمكانية جعل الصورة غير واضحة بالنسبة للإناث، بالإضافة إلى إتاحة صفحات تعريف شخصية أكثر ثراءً للمستخدمين، بحيث يمكنهم إضافة هوايات واهتمامات أكثر تفصيلاً.
واستطاع التطبيق الذي يحمل في وصفه على «بلاي ستور» بأنه ” تطبيق مبتكر مصمم بعناية لتمكين العزاب المسلمين المستعدين لبدء قصة حب مباركة على أساس النية الجادة والالتزام المتبادل” استطاع الوصول لأكثر من 5 ملايين عملية تحميل على منصات التطبيقات.
تلك “الخطوة التالية” في تطبيقات المواعدة هي هدف لكثير من التطبيقات حيث تشير بعض الدراسات إلى أن 42% من مستخدمي تطبيقات التعارف يهدفون في الأساس إلى الزواج، وحقق 13% من المستخدمين هذا الهدف بالفعل.
مخاطر مصاحبة
القاعدة المعروفة «أينما وجدت التكنولوجيا كان الخطر السيبراني» مع كل تطور في خدمة يأتي تهديد لا محالة، ومن هنا فإن تطبيقات المواعدة والتعارف هي بيئة مواتية جدًا للتهديد السيبراني سواء كان نصب أو احتيال على مستخدمي هذه التطبيقات.
لعل واحدة من أشهر القصص هي تلك التي تعود إلى الشاب الإسرائيلي «شمعون حايوت» الذي استخدم منصة التعارف الأشهر «تندر» للوصول للسيدات وخداعهن للحصول على أموالهن لدرجة أن منصة الأفلام الأشهر «نتفليكس» أنتجت وثائقيًا عنه يحمل اسم «تندر سوينلدر “نصاب تندر”»
كلفت عمليات الاحتيال الرومانسية الأميركيين ما يقرب من 350 مليون دولار العام الماضي 2021، وفقًا للباحث في الأمن السيبراني إدفارداس جاربينيس، وقفزت الشكاوى من عمليات الاحتيال الرومانسية التي أرسلتها لجنة التجارة الفدرالية الأميركية من 11.2 ألف حالة عام 2016 إلى 53.6 ألف حالة عام 2020.
وكانت السيدات في تلك التقارير هن الأكثر عرضة للاحتيال الإلكتروني مقارنة بالرجال، وربما في المناطق العربية فإن الاستغلال الجنسي، والتهديدات كانت هي العلامة الأكثر تخوفًا والتي تهدد السيدات من استخدام مثل تلك التطبيقات لذلك فإن تطويؤ تطبيقات قريبة من التفكير الإقليمي تعد مناسبة أكثر من تلك التي تحمل طابعًا مختلفًا قد يتسبب في مشكلات أكبر عند استخدامه في المنطقة العربية.