
أجرت كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، تجربة علمية شملت 250 مشاركًا لتقييم أثر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي على التفكير والإبداع.
وطلب الباحثون من المشاركين كتابة نصائح لصديق حول كيفية اتباع أسلوب حياة صحي؛ وبعض المشاركين استخدموا محرك البحث التقليدي من جوجل، بينما اعتمد آخرون على ملخصات معلوماتية تم إنشاؤها تلقائيًا بواسطة ذكاء جوجل الاصطناعي.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين اعتمدوا على الملخصات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي قدّموا نصائح عامة وبسيطة وغير مفيدة، مثل تناول الطعام الصحي، شرب الماء، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
وفي المقابل، قدّم المشاركون الذين استخدموا البحث التقليدي نصائح أكثر تفصيلًا، شملت جوانب الصحة الجسدية والعقلية والعاطفية.
وتأتي هذه النتائج في وقت يروّج فيه قطاع التكنولوجيا لفكرة أن أدوات البحث والذكاء الاصطناعي ستحدث ثورة في التعلم والإنتاجية، وأن من يتجاهلها سيُترك خلف الركب؛ إلا أن الدراسات الأكاديمية الحديثة تشير إلى أن الاعتماد المفرط على هذه الأدوات في كتابة المقالات أو إجراء الأبحاث يمكن أن يقلل من أداء الأفراد مقارنة بمن يستخدمون الأساليب التقليدية.
ويصف الباحثون هذا التدهور المعرفي باسم “تلف الدماغ”، وهو مصطلح أدرجته دار نشر أكسفورد للمعجم الإنجليزي عام 2024، في إشارة إلى تأثير منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستجرام التي تجعل المستخدمين مدمنين على المحتوى القصير، مما يقلل من قدرات التفكير العميق.
وسلّطت أحدث الدراسات الضوء على أثر الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ ففي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أظهرت دراسة شملت 54 طالبًا أن استخدام “تشات جي بي تي” أثناء كتابة المقالات أدى إلى انخفاض كبير في النشاط الدماغي مقارنة بالطلاب الذين استخدموا البحث التقليدي أو كتبوا المقالات بأنفسهم.
وبعد الانتهاء من الكتابة، لم يتمكن 83% من مستخدمي “تشات جي بي تي” من استرجاع أي جزء من مقالاتهم، بينما تمكن مستخدمو البحث التقليدي من استرجاع بعض الجمل، وكتب الطلاب الذين اعتمدوا على ذاكرتهم بالكامل من تذكر معظم النصوص.
وأشارت الدراسة إلى أن هذا النمط قد يكون مقلقًا في مجالات تتطلب الاحتفاظ بالمعلومات، مثل تدريب الطيارين.
وكشفت بيانات حديثة من مشروع Adolescent Brain Cognitive Development أن الأطفال الذين يقضون وقتًا أطول على وسائل التواصل الاجتماعي “3 ساعات أو أكثر يوميًا” يسجلون درجات أقل في اختبارات القراءة والذاكرة والمفردات مقارنة بأقرانهم الذين يستخدمون هذه التطبيقات ساعة واحدة أو أقل يوميًا.
ويقترح الخبراء طرقًا أكثر صحية لاستخدام التكنولوجيا؛ إذ يوصي بعض الباحثين بوضع مناطق خالية من الشاشات في المنزل، مثل غرف النوم ومائدة الطعام، لضمان التركيز على الدراسة والنوم والوجبات.
وفيما يخص أدوات الذكاء الاصطناعي، توصي الدراسات باستخدامها كأداة مساعدة بعد القيام بالمهمة الأساسية بأنفسهم، مثل مراجعة ما كتبوه أو حل مسائل بعد فهمها يدويًا، بما يشبه استخدام الآلة الحاسبة بعد تعلم الصيغ على الورق.
ويخلص الخبراء إلى أن المفتاح لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل صحي يكمن في الوعي بكيفية استخدامه: الاستعانة به للإجابة عن أسئلة محددة أو لجمع معلومات صغيرة، مع الاعتماد على القراءة والبحث التقليدي لتعلم عميق ومتوازن.




