
حذّر عدد من الخبراء الدوليين من تصاعد ظاهرة التجارة غير المشروعة التي انتشرت في قطاعات حيوية متعددة، مؤكدين أن ذلك يشكل تهديدًا متزايدًا على الصحة العامة والاستقرار الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم.
وأوضح الخبراء أن السلع المقلدة والمهربة لم تعد مقصورة على المنتجات الفاخرة، بل وصلت إلى قطاعات أساسية مثل الأدوية والمواد الغذائية ومستحضرات التجميل والأجهزة الإلكترونية، مما يعرض حياة الملايين للخطر ويضعف قدرة الدول على تحصيل الإيرادات الضريبية الضرورية لتمويل الخدمات العامة.
وفي تصريح للدكتورة فيرا لويزا دا كوستا إي سيلفا، الرئيسة السابقة لأمانة اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية “WHO FCTC”، قالت إن مكافحة هذه التجارة تتطلب تعاونًا دوليًا شاملًا، لأنها لم تعد تهدد الصحة فقط، بل تموّل شبكات الجريمة المنظمة التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.
وفيما يخص قطاع التبغ، بين الخبراء أن المنتجات المهربة تُباع دون أي رقابة صحية أو دفع الضرائب المستحقة عليها، مما يقوض جهود مكافحة التدخين ويعرض الملايين للخطر. وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الضريبية العالمية الناتجة عن تجارة التبغ غير القانونية تصل إلى نحو 40 مليار دولار سنويًا، منها أكثر من 10 مليارات يورو في الاتحاد الأوروبي وحده.
وفي جنوب إفريقيا، تؤكد الإحصاءات أن نحو 25% من الإيرادات الضريبية المتوقعة من قطاع التبغ تضيع بسبب التهريب، فيما تواجه دول مثل البرازيل وكولومبيا تحديات مشابهة تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر وتراجع عائدات الدولة.
ولا تقتصر المخاطر على التبغ فقط، فالأجهزة الإلكترونية المقلدة تشكل تهديدًا للخصوصية وأمن المستخدمين، بينما الأدوية المزيفة تُعد أخطر ما في هذه التجارة، خصوصًا في الأسواق النامية التي تفتقر إلى الرقابة الصارمة.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور ستانتون جلانز، أستاذ الطب بجامعة كاليفورنيا، إلى أن “المواطنين هم الضحايا الحقيقيون، إذ يتعرضون لمخاطر صحية وأعباء اقتصادية متزايدة، في الوقت الذي تحقق فيه المافيات أرباحًا طائلة من هذه الأنشطة.”
وشدد الخبراء على ضرورة تضافر جهود الحكومات، والمؤسسات المدنية، والمستهلكين، عبر رفع الوعي بمخاطر شراء السلع المقلدة أو المهربة، إلى جانب تطوير التشريعات وتعزيز آليات الرقابة للحد من انتشار هذه التجارة.