الفراعنة أول من استخدم التشفير.. والهجمات الإلكترونية تعطل دولاً كاملة عن العمل
كان الفراعنة هم أول من طبق قواعد الحماية والتأكد من حفظ البيانات، وتؤكد المراجع الأكاديمية على أن طريقة حفظ المقابر وقدرة قدماء المصريين على إخفاء المعلومات الهامة الخاصة بهم وكنوز الملوك وأسرهم كانت من أكثر الطرق ابتكارًا ونجاحًا في حفظ المعلومات المهمة لآلاف السنين.
أول اختراق إلكتروني في التاريخ:
ويروي الدكتور شريف هاشم، المحاضر بجامعة جورج ميسون، والرئيس السابق لمركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي CERT، إن مسألة الاختراقات الإلكترونية تلك ربما سبقت اختراع الحاسبات الآلية بعشرات السنوات، وكانت الواقعة الأولى الأشهر عندما، وقف جون أمبروز فلمنج واحد من أشهر علماء الفيزياء في بداية القرن العشرين، في قاعة مليئة بجمهور من المتخصصين والعلماء والمتابعين لأحدث الابتكارات في كل المجالات، القاعة التابعة للمعهد الملكي في لندن على وشك أن تشهد تجربة حية لاختراع قادر على نقل إشارات شفرة مورس عبر مسافات طويلة، الاختراع قدمه عالم إيطالي هو جوليلمو ماركوني.
خلال ثوانٍ الجهاز (التلغراف) بدأ بنقل إشارات تدل على حروف وبعد ترجمتها ظهرت كلمة Rats أو الفئران تتكرر بنمط واحد، وبعدها الجهاز استقبل قصيدة مسيئة ومهينةـ بعد الواقعة بأيام نشرت جريدة التايمز حقيقة ما حدث؛ وهي أن الساحر والمخترع البريطاني نيفيل ماسكيلين استطاع اختراق ترددات التلغراف وبث تلك الرسائل وبرر ذلك بأن غرضه أن يظهر إن الجهاز لا يعد الوسيلة الأكثر أمانًا لتبادل الرسائل وإن هدفه كان أنيحافظ على الأمن العام من الاختراقات الشبيهة.
الحرب العالمية الثانية: شفرة إنيجما
يعرج الدكتور شريف هاشم على فترة الحرب العالمية الثانية التي كان اختراق الاتصالات فيها ربما واحدًا من مسببات نهاية الخرب، حيث تمكن العالم البريطاني ألن تورينج -صاحب فضل كبير في تطوير علوم الحاسب- من كسر شفرة جهاز إنيجما المستخدم لنقل الرسائل بين قيادة الجيش الألماني وأفراده على أرض المعركة، وكان من نتائج كسر هذا التشفير أن تمكنت جيوش الحلفاء من فهم الرسائل وبالتالي الانتصار في بعض المعارك وبداية انتصار قوات الحلفاء، وهو ما يعد بداية عصر الحروب الإلكترونية عالميًا.
اختراع الإنترنت
بدأت الإنترنت كاختراع تابع لوزارة الدفاع الأمريكية وعدد من المؤسسات الأكاديمية بهدف إنشاء شبكة تقدم الاتصالات بكفاءة في أعقاب الحرب العالمية الثانية حتى وإن تعرضت تلك الشبكات للقصف، وكان فينت سيرف أحد مؤسسي الانترنت وصاحب البروتوكول الأساسي للإنترنت، وهذا الاختراع ظل مستمرًا حتى بداية التسعينات مقصورًا على الاستخدامات الدفاعية أو الأكاديمية.
في 1989 كان تيم برنرزلي عالم الفيزياء في مركز أبحاث بسويسرا قام بتطوير الشبكة بشكلها الحالي أو ما يعرف بالشبكة العاريضة World Wide Web، كانت تلك المرحلة هي بداية ظهور الهجمات الإلكترونية بشكلها المختلف والمستهدف في الأساس لشبكات الإنترنت.
من تلك المرحلة شهدت الثمانينيات تغيرًا في الهجمات حيث قام أحد الطلاب بإساءة استخدام أنظمة التراسل على نظام تشغيل يونيكس، وقام بنشرها على الإنترنت فيما يعرف بـ”حرب موريس” وأصابت تلك الهجمة عشرات الآلاف من الأجهزة وهو رقم كبير في تلك الفترة، وفقًا لهاشم.
بيل جيتس يبدأ حياته كـ”هاكر”
كان بيل جيتس شغوفًا جدًا بالتكنولوجيا في بداية حياته حيث بدأ بالدخول على أنظمة الحاسبات في مدرسته، ومن ثم الانتقال إلى اختراق شبكة الشركة المقدمة لانظمة الحاسبات بالكامل وتسببت تلك الواقعة في إلقاء القبض عليه في مرحلة المراهقة وانتقل هذا الشغف بجيتس إلى أن يصبح واحدًا من الآباء المؤسسين للتكنولوجيا وصاحب واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم “مايكروسوفت” والتي تنفق المليارات سنويًا للحماية من الهجمات والجرائم الإلكترونية.
بداية الهجمات بغرض السرقة
يتناول الدكتور شريف هاشم إلى نهاية التسعينات والتي شهدت هجمات لسرقة بيانات بطاقات البنوك بغرض السطو على الأموال في تلك البطاقات، لتتحرك الشركات المصنعة لتلك الكروت لتغيير النمط التكنولوجي لتصنيع تلك الكروت لاستخدام الشرائح الذكية وكلمات السر بدلاً من النمط السابق للتصنيع والمعتمد على الشرائط الممغنطة.
فصل استونيا عن العالم
في عام 2007، قررت الحكومة في استونيا تعديل بعض المناطق في العاصمة “تالين” وذلك من خلال نقل تمثال لأحد القيادات العسكرية للاتحاد السوفيتي إلى منطقة خارج العاصمة، وخلال أيام تعرضت الدولة لواحدة من أعنف الهجمات السيبرانية تسببت في وقف الوصول للخدمات الحكومية سواءً المرافق، أو التعليم أو الاتصالات أو حتى نقل الغذاء، ونتج عن ذلك مخاطبة الدولة للاتحاد الأوروبي ومحاولة التصدي لهذا الهجوم، ووفقًا للدكتور شريف هاشم تلك الهجمة التي تأتي تحت نمط “إعاقة الوصول للخدمات DDOS” استمرت لعشرة أيام وكانت واحدة من الهجمات الصعبة على مستوى الدولة بالكامل.
2017 هجوم جعل العالم يبكي
على مدار السنوات الأخيرة كانت هجمات الفدية والتي تتعلق بتشفير البيانات وإجبار الجهة محل الهجوم على الدفع مقابل فك التشفير، وخلال الأعوام من 2017-2019 تعرض العالم لهجوم كبير يحمل اسم “WannaCry” الهجوم أصاب ما بين 100-150 دولة وقدرت حجم الخسائر الناتجة عنه بـ8 مليارات دولار.
يستعرض المحاضر بجامعة جورج ميسون بعض النتائج عن هذه الاختراقات والتي نتج عنها تعطيل العمليات في مستشفيات حكومية وتعطل نسب غير قليلة من منظومات الرعاية الصحية في دول مثل إنجلترا وألمانيا عن العمل تمامًا ولعدة أيام.
التحديث فيه خطر قاتل
في صباح أحد أيام ديسمبر 2020، أصابت هجمة على سلاسل الإمداد في مشكلة عالمية، حيث تسببت تحديث أحد أنظمة شركة عالمية “SolarWinds” والتي تعد واحدة من أكبر شركات البنية التحتية التكنولوجية عالميًا، في وصول المخترقين عبر ثغرة في التحديثات لآلاف الأجهزة التابعة لشركات عملاقة ومؤسسات حكومية ووزارات في عدد هائل من دول العالم، منها وزارة الخزانة الأمريكية ومايكروسوفت وغيرها ليصل حجم الهيئات المصابة حوالي 18000 جهة.
ويؤكد الدكتور شريف هاشم على أن التحديثات تأتي غالبًا من داخل الشركة وبالتالي فإن التحديثات التي تحمل ثغرات فإن تلك الإصابة تمثل خطورة كبيرة على العالم، لدرجة أن شركة مايكروسوفت تناولت هذه الواقعة في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مؤكدة على ضرورة حماية سلاسل الإمداد.
الحديث المطول عن تطور الاختراقات الإلكترونية ونتائجها التي قد تصل إلى الموت والهلاك لا يمكن من المواضيع التي يجب أن تستمر دائمًا إما للتنبيه على أهمية تلك الهجمات وما يمكن أن تمثله من خطر داهم على حياة الناس أو للتوعية بعدم الانسياق وراء المغريات التي قد تكون بداية الوقوع في فخ الهجمات الإلكترونية، وتقدم «تكنولدج» الموسم الجديد من البودكاست «اختراق» لتعرفكم على نوعيات الهجوم الإلكتروني ومخاطره والنتائج التي قد تصيب أي مستخدم في الشارع أو قد تعطل دول بالكامل.
تفاصيل اكثر في الحلقة من هنا:
https://youtu.be/ZGSaU05s8pE
الموسم الكامل من هنا:
«اختراق» يأتيكم برعاية «MCS»