
خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأربعاء الماضي سعر الفائدة الرئيسي بربع نقطة مئوية ليصبح النطاق بين 3.5% و3.75%، في خفض ثالث على التوالي، لكن الاجتماع كشف عن انقسامات داخل اللجنة بشأن مسار السياسة النقدية مستقبلًا.
ويظهر هذا الانقسام استمرار الجدل بين “الصقور” الذين يركزون على مكافحة التضخم و”الحمائم” المهتمين بدعم سوق العمل.
وجاء البيان الرسمي بعد الاجتماع بصياغة حذرة، مؤكدًا أن أي تعديل مستقبلي على الفائدة سيعتمد على البيانات الاقتصادية وآفاق النمو والمخاطر المحتملة، في لغة مشابهة لتلك المستخدمة في ديسمبر 2024 عند وقف دورة التخفيضات آنذاك.
الاجتماع الأخير للبنك المركزي المصري
وفي مصر يتبقى أمام لجنة السياسة النقدية خلال 2025 الاجتماع الثامن والأخير في 25 ديسمبر المقبل لحسم سعر الفائدة على الإيداع والإقراض، وفقًا لموقع المركزي المصري.
وكان البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بإجمالي 1900 نقطة أساس في الفترة من مارس 2022 حتى مارس 2024 لكبح جماح التضخم، قبل العودة لتيسير السياسة النقدية.
ويستهدف المركزي المصري بلوغ متوسط معدل التضخم نطاقًا من 5% إلى 9% في الربع الرابع 2026، ونطاقًا من 3% إلى 7% في الربع الرابع 2028.
وكانت قد تباطأت وتيرة التضخم في المدن المصرية في نوفمبر، بعد أن تسارعت في الشهر السابق لأول مرة منذ 4 أشهر، حيث زادت أسعار المستهلكين بالمناطق الحضرية على أساس سنوي إلى 12.3% مقارنةً مع 12.5% في أكتوبر؛ في حين بلغ معدل التضخم على أساس شهري 0.3% مقارنةً مع 1.8% في الشهر السابق، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
بنوك الخليج
وبعد قرار الفيدرالي الأمريكي؛ اتخذت عدة بنوك مركزية خليجية خطوة سريعة لمواكبة خفض الفائدة.
وخفض البنك المركزي السعودي معدل الريبو بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.25%، فيما تراجع الريبو العكسي إلى 3.75%.
وفي الإمارات، خفض مصرف الإمارات المركزي سعر تسهيلات الإيداع لليلة واحدة من 3.90% إلى 3.65% بدءًا من 11 ديسمبر.
وبدوره، عدّل مصرف قطر المركزي أسعار الفائدة بخصم 25 نقطة أساس، ليصبح الإيداع 3.85% والإقراض 4.35% وسعر إعادة الشراء 4.1%.
وخفض مصرف البحرين المركزي فائدة الإيداع لليلة واحدة إلى 4.25%، فيما قام بنك الكويت المركزي بخفض سعر الخصم إلى 3.5%.
أحمد معطي: القرار كان متوقعًا
ويعقّب الخبير الاقتصادي أحمد معطي بقوله إن تخفيض سعر الفائدة الأمريكي كان متوقعًا من قبل الأسواق ولم يحمل أي جديد في البيان أو في المخطط النقطي أو تصريحات الفيدرالي، لأن جميع التوقعات كانت تشير إليه.
وأضاف معطي أن النقطة الأهم في الاجتماع كانت إعلان الفيدرالي عن شراء سندات قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا لدعم احتياطي السيولة للبنوك الأمريكية.
وأوضح في تصريحات لموقع “تكنولدج”: “الفيدرالي قال إن هذا الإجراء ليس تيسيرًا كميًا، ولكنه لدعم احتياطي البنوك؛ ومع ذلك، أغلب الخبراء يرون أن ضخ 40 مليار دولار شهريًا يُعد تيسيرًا كميًا، لأنك بذلك تزيد السيولة في النظام المالي”.
مشاكل محتملة
وأكد أن هذه الخطوة تهدف إلى دعم البنوك الأمريكية وتعكس مخاوف من وجود مشاكل محتملة في القطاع المصرفي، قائلًا: “أداة دعم الاحتياطي للبنوك تعتبر بمثابة بديل لتجنب خفض الفائدة، وهي أيضًا إشارة إلى أن هناك قلقًا من القطاع المصرفي، ونحتاج لمتابعة البنوك الأمريكية خلال الفترة المقبلة للتأكد من الوضع، حتى لا تحدث أي أزمات شبيهة بأزمة 2008”.
وأضاف: “لا أعتقد أننا سنشهد أزمة كبيرة مثل 2008، لكن من الممكن أن تفلس بعض البنوك بشكل محدود، والفيدرالي يحاول تجنب ذلك بهذه الأداة”.
وأشار معطي إلى أن توقعات الفيدرالي لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2026 تحسنت قليلًا، بينما تراجعت توقعاتهم للتضخم ومعدل البطالة.
وأضاف: “الفيدرالي توقع ارتفاع التضخم في الربع الأول من 2026 بسبب الرسوم الجمركية، لكنه يتوقع أن يتراجع التضخم على مدار العام، ما يعني أن الولايات المتحدة ليست مقبلة على ركود تضخمي، بل التضخم يتراجع تدريجيًا”.
جاذبية الاستثمارات
كما أشار إلى أن البيانات الحكومية متأثرة بالإغلاق الحكومي، وأن الرسوم الجمركية ما زالت تلعب دورًا في ارتفاع التضخم، مضيفًا: “الفيدرالي قال إنه لو توقفت الرسوم الجمركية، قد ينخفض التضخم تحت 2%، وكالعادة يلومون سياسات إدارة ترامب في هذا الصدد”.
وعن انعكاس هذه القرارات على الاقتصاد الخليجي والعربي، أوضح معطي أن أي خفض للفائدة الأمريكية يُعد إيجابيًا للنمو، قائلاً: “أي تخفيض للفائدة يزيد من جاذبية الاستثمار في مختلف القطاعات، خاصة العقاري والتكنولوجي والسياحي، لأنه يقلل تكلفة التمويل ويحفز النشاط الاقتصادي بشكل عام”.




