
شهد عام 2025 توسعًا لافتًا في استثمارات الذكاء الاصطناعي، تركز بشكل أساسي على البنية التحتية وبناء النماذج، ما انعكس بشكل مباشر على أسواق المال، وخصوصًا في وول ستريت، وسط تصاعد التحذيرات من مخاطر المبالغة في التقييمات.
وأظهرت بيانات صادرة عن مؤسسات استثمارية، نقلت عنها فاينانشال تايمز، أنَّ الإنفاق العالمي على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي ارتفع بوتيرة أسرع من التوقعات.
وبعد تقديرات أولية بنمو يتراوح بين 20 و25%، تم رفع التوقعات إلى 68%، ليصل حجم الإنفاق المتوقع خلال العام الجاري إلى نحو 470 مليار دولار، مع توقعات ببلوغه 620 مليار دولار في 2026.
وتصدرت الشركات الكبرى هذا التوسع، حيث أعلنت OpenAI عن خطط لإنشاء مراكز بيانات بقيمة تصل إلى 1.4 تريليون دولار، في واحدة من أضخم الاستثمارات في تاريخ قطاع التكنولوجيا.
وبحسب الشركات العاملة في المجال، لا يزال الطلب على قدرات الذكاء الاصطناعي يفوق المعروض، ما يميّز الوضع الحالي عن فقاعة الإنترنت في تسعينيات القرن الماضي؛ غير أن تحديات تتعلق بإمدادات الطاقة والبنية التحتية قد تحدّ من وتيرة التوسع خلال الفترة المقبلة.
وفي موازاة ذلك، شهدت تقييمات شركات تطوير النماذج المتقدمة قفزات حادة؛ إذ ارتفعت قيمة OpenAI إلى أكثر من 800 مليار دولار، مقارنة بـ157 مليار دولار قبل أكثر من عام، كما تسعى “أنثروبيك” إلى تقييم يتجاوز 300 مليار دولار، فيما قُدّرت قيمة “إكس AI” بنحو 230 مليار دولار.
ورغم هذه القفزات، لا يزال مستقبل الربحية وعدد الشركات القادرة على الاستمرار في السوق غير واضح، في ظل تراجع أسعار خدمات الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة؛ حيث أفادت تقديرات استثمارية بأن تكلفة استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي انخفضت بشكل حاد خلال العامين الماضيين، ما يضغط على هوامش الربح.
وعلى صعيد الاستخدام، ارتفع عدد المستخدمين النشطين لأدوات الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ؛ فقد تجاوز عدد مستخدمي “تشات جي بي تي” أسبوعيًا 800 مليون مستخدم، مقارنة بنحو 300 مليون قبل عام واحد، كما توسع استخدام المساعدات البرمجية في قطاع تطوير البرمجيات.
وفي المقابل، لم تسجل الإيرادات النمو المتوقع، كما لم يظهر حتى الآن تطبيق استهلاكي واسع النطاق قادر على دفع الطلب التجاري على الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى مستويات أعلى.
وتتركز الطفرة الحالية في عدد محدود من عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، التي تجاوزت القيمة السوقية لثماني شركات منها حاجز التريليون دولار؛ وحققت هذه الشركات مجتمعة زيادة في قيمتها السوقية بنحو 4.7 تريليون دولار منذ إطلاق ChatGPT.
ويرى مراقبون أن استمرار وتيرة الاستثمار المرتفعة خلال عام 2026 قد يفرض ضغوطًا مالية متزايدة، ما يعيد إلى الواجهة تساؤلات حول استدامة طفرة الذكاء الاصطناعي الحالية.




