كشفت مؤسسة الأبحاث والدراسات العالمية «جارتنر» عن توقعاتها بتجاوز حصيلة الغرامات والتسويات المالية في الدعاوى القضائية المرفوعة بسبب انتهاكات الخصوصية المتعلقة بالبيانات البيومترية الشخصية والأنظمة الإلكترونية الفيزيائية لأكثر من 8 مليارات دولار بحلول عام 2025.
تعليقا قال بارت ويليمسن، نائب رئيس الأبحاث لدى شركة «جارتنر»: “تعتبر المركبات ذاتية القيادة وطائرات ’الدرون‘ المزودة بالكاميرات والمباني والمدن الذكية جميعها أنظمة إلكترونية فيزيائية تعمل على جمع كافة أنواع المعلومات البيومترية”. وأضاف: “تزداد اليوم وتيرة جمع المعلومات البيومترية وتخزينها سواء عن طريق أخذ بصمات الأصابع أو مسح الشبكية أو تحديد الهوية عن بُعد بالتعرف على الأوجه أو الأصوات أو طريقة المشي أو حتى من خلال عينات الحمض النووي. لكن يبرز هناك احتمال كبير لوقوع تلك البيانات عرضة لسوء الاستخدام أو الاستغلال”.
ونوه ويليمسن في جلسة خلال قمة جارتنر للأمن وإدارة المخاطر المنعقدة افتراضيا اليوم في منطقة الشرق الأوسط، بأن قوانين الخصوصية الجديدة أصبحت تتناول آليات جمع المعلومات البيومترية وتحويلها وتخزينها ومعالجتها، وبأن تطبيقها يمكن أن يطال تكنولوجيا التعرف على الوجوه في منصات التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن القوانين الجديدة قد تضم قواعد ناظمة للاستبقاء على البيانات مع حظر بيع وتأجير وتداول المعلومات البيومترية وجني الأرباح منها.
وأضاف: “من الضروري في مثل هذه الحالات أن يأخذ مديرو الأمن والمخاطر والخصوصية في عين الاعتبار بدائل أخرى ووسائل مناسبة لأجل تحقيق الأهداف المنشودة مع أهمية شرح كافة المعلومات الضرورية للعملاء بشكل واضح”.
وتعمل اليوم بعض الشركات متعددة الجنسيات التي تتعامل مباشرة مع المستهلكين على الانتقال نحو نموذج يعتمد على مبدأ الخدمة الذاتية من خلال ترك الحرية للعملاء في تحديد البيانات التي يرغبون المشاركة بها. ولا تسعى هذه الشركات إلى تجنب الغرامات التنظيمية وحسب، بل تعزيز ثقة المستهلكين بها والحفاظ على السمعة الإيجابية لعلاماتها.
ميزانيات الخصوصية ستزيد والتركيز يتحول من الامتثال التنظيمي إلى اقتناص المزايا التنافسية
وتتوقع «جارتنر» ارتفاع متوسط ميزانيات الخصوصية المعتمدة في الشركات الكبرى إلى 2.5 مليون دولار سنويا بحلول عام 2024، بشكل يسمح لهذه الشركات الانتقال من تلبية مسائل الامتثال التنظيمي إلى التركيز على اكتساب مزايا تنافسية فارقة لها في السوق.
وقد شهدت الميزانيات المرصودة للخصوصية ارتفاعها إلى 2 مليون دولار في 2021 مقارنة مع 1.7 مليون دولار في 2019، ومن المتوقع أن يستمر ازديادها بمعدل ثابت. ويترافق هذا مع ازدياد حدة التهديدات الإلكترونية نتيجة الصعود المفاجئ للأنشطة الجارية عبر الإنترنت والتعليم الافتراضي والعمل عن بُعد. وفي ضوء اتساع رقعة الجهود التنظيمية لمسائل الخصوصية عبر الكثير من مناطق الاختصاص القضائي، فإن الشركات ستجد نفسها أمام ضرورة البدء بتنفيذ برامجها المتعلقة بالخصوصية الآن من دون تأخير.
وتوصي «جارتنر» الشركات بأن تبادر أولا إلى تولي زمام التحكم الكامل بكافة آليات معالجة البيانات الشخصية قبل أن تتمكن من وضعه بين يدي العملاء الأفراد. وتعتبر أنظمة إدارة موافقة المستخدمين وحماية حقوق الخصوصية من الأساليب الناجعة لتحقيق هذا الهدف. ويشدد هنا ويليمسن بالقول: “هناك فارق كبير سيلمسه المستهلك بين اضطراره الانتظار أسابيع لاستلام رد غير مكتمل عن سؤاله حول البيانات التي تعالجها الشركة بشأنه وبين حصوله في ثوان معدودة على الإجابة الكاملة. وهنا يكمن الفارق الحقيقي بين القدرة على كسب الثقة أو خسارتها”.
وبالاعتماد على مستوى نضج برامجها المعنية بالخصوصية، أصبحت الشركات تتجه بأنظارها لأبعد من مجرد العمل لأجل الامتثال التنظيمي وانتقلت إلى التركيز على الأنشطة التي تتمحور حول فهم وتلبية متطلبات المتعاملين. ويأتي في سياق الأمثلة عن هذه الجهود، السماح لخبراء تجارب العملاء بمعالجة شكاوى العملاء حيال نقص الشفافية والمبادرة إلى أتمتة تجربة المستخدم المعنية بالخصوصية، أو منح كافة العملاء على مستوى العالم ميزة الوصول إلى حقوق الخصوصية، سواء كان ذلك متوجبا أم لا، وذلك بمعاملتهم على قدم المساواة على المستوى الدولي.