بقلم: أحمد الشريف، رئيس شبكة المشرق العالمية مصر، ونائب رئيس بنك المشرق.
في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي تشهدها بيئة العمل اليوم، لم تعد الشركات تعتمد على الأساليب التقليدية في جذب المواهب والاحتفاظ بها. أصبح البحث عن الكفاءات رحلة تتطلب إبداعًا ومرونة، حيث تجاوزت الجهود نشر الإعلانات الوظيفية التقليدية لتشمل استراتيجيات رقمية مبتكرة تتماشى مع احتياجات العصر الحديث. مع ظهور الأدوات التكنولوجية، بدأت الشركات في اعتماد استراتيجيات مبتكرة لتحليل بيانات الموظفين والسير الذاتية، باستخدام برامج التوظيف، وتطوير اختبارات التقديم للوظائف. كما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي محورًا أساسيًا في استراتيجيات التوظيف، إلى جانب الاستثمار في تطوير مهارات الموظفين واستخدام الذكاء الاصطناعي. وأدركت العديد من المؤسسات أهمية تقديم ترتيبات عمل مرنة لتعزيز رضا الموظفين ودعم إنتاجيتهم، مما يعكس تحولًا جذريًا في كيفية إدارة المواهب في هذا العصر المتغير.
تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي أداة رقمية فعّالة في جذب المرشحين الموهوبين، خاصة عند تقديم رسائل مستهدفة تُبرز القيمة التي تقدمها الشركة لموظفيها. تستخدم الشركات هذه المنصات ليس فقط لنشر إعلانات موجهة لمجموعات محددة من المتقدمين، بل أيضًا لإلهامهم وتقديم تصور واضح عن مستقبلهم المهني ضمن بيئة عمل إيجابية وداعمة، مما يعزز صورة الشركة ويجذب المزيد من المواهب. كما تُبرز هذه المنصات الموظفين الحاليين كسفراء للعلامة التجارية، حيث يشاركون تجاربهم وإنجازاتهم لتعزيز حضور الشركة وتشجيع المرشحين على الانضمام.
يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تبسيط عمليات الموارد البشرية، بدءًا من تخصيص تجربة المتقدمين وحتى الوصول إلى التقييم النهائي. تبرز منصات مثل LinkedIn وGlassdoor كأدوات فعّالة في هذا السياق، حيث تسهم في مساعدة الباحثين عن عمل في العثور على الفرص المناسبة، وتمكّن الشركات من الوصول إلى المرشحين الأكثر توافقًا مع الوظائف المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الأدوات التكنولوجية كفاءة استقطاب الكفاءات من خلال إمكانية إجراء مقابلات عن بُعد وتقديم اختبارات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يتيح تصفية المرشحين بدقة واختيار الأنسب للوظيفة. هذا النهج يضمن جذب الكفاءات الأكثر تأهيلاً بفاعلية وسرعة، مما يعكس تحولًا جذريًا في كيفية إدارة المواهب.
وتُعتبر التقنيات الحديثة أساسية لجذب الأفراد المهرة من خلال الاستثمار في تطوير مهارات الموظفين وتوفير بيئة عمل إيجابية تعزز رضاهم الشخصي. وتُعد ترتيبات العمل المرنة استراتيجية فعّالة لتعزيز التوازن بين الحياة العملية والشخصية، حيث يمكن للموظفين إنجاز مهامهم من أي مكان متصل بالإنترنت. هذه النماذج الهجينة، التي تجمع بين العمل عن بُعد والحضور إلى المكتب، تدعم رفاهية الموظفين وتعزز التعاون وكفاءة العمليات، مما يُعزّز الابتكار والإنتاجية.
من خلال الرقمنة القوية للأنظمة والعمليات المتعلقة بالموارد البشرية وإدارة المخاطر والاحتيال والامتثال، تتألق شبكة المشرق العالمية كنموذج عالمي لممارسات العمل عن بعد، مما يسهم في التعاون السلس بين الموظفين والشركاء لتقديم أفضل تجربة للعملاء. نجحت شبكة المشرق العالمية في بناء نموذج عالمي للعمل عن بعد للمشرق على مستوى العالم، حيث يعمل أكثر من 70% من قوتها العاملة عن بعد.
تستخدم شبكة المشرق العالمية بمصر ممارسات العمل عن بُعد، مستفيدةً من الرقمنة المتطورة للأنظمة والعمليات المتعلقة بالموارد البشرية، وإدارة المخاطر، والاحتيال، والامتثال، فقد نجحت الشبكة في تطوير نموذج عمل عالمي يتيح لأكثر من 70% من موظفيها العمل عن بُعد، حيث يتعاون الموظفون في مصر مع فرق في المشرق في دولة الإمارات وفروع دولية أخرى. هذا التعاون يعزز من خطط النمو الاستراتيجي والتوسع، ويعكس التزامًا نهائيًا بنهج متكامل يعتمد على التكنولوجيا والابتكار. كما يوفر هذا النموذج للموظفين فرصة فريدة لاكتساب خبرات عالمية تساهم في تسريع مسيرتهم المهنية.
في الختام، لم يعد جذب المواهب والاحتفاظ بها مجرد عملية توظيف بل أصبح تجربة ديناميكية متكاملة تتطلب تفكيرًا استباقيًا وتوظيف أدوات رقمية متقدمة. مع التطورات السريعة في سوق العمل، يتطلب النجاح تبني حلول مرنة تتوافق مع احتياجات الموظفين وتعزز من تجربتهم المهنية والشخصية. هذه البيئة لا تكتفي برفع رضا الموظفين فحسب، بل تسهم أيضًا في تطوير مهاراتهم وبناء قدراتهم، ما يضمن جاهزية المؤسسة لمواكبة تحولات السوق وتعزيز استدامة نجاحها على المدى البعيد.