
سجلت الأسواق العالمية ارتفاعاً طفيفاً يوم الإثنين، مدعومة بانخفاض أسعار النفط بعد ارتفاعها الحاد في الأسبوع الماضي، في حين ظلت التوترات بين إسرائيل وإيران تلقي بظلالها على المشهد، مضيفة مزيدًا من الغموض إلى أسبوع مزدحم باجتماعات البنوك المركزية.
جاء التصعيد في الشرق الأوسط بالتزامن مع انعقاد قمة مجموعة السبع في كندا، في ظل أجواء مشحونة بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما زاد من حدة التوترات الجيوسياسية.
وقد أطلقت إيران صواريخ استهدفت تل أبيب ومدينة حيفا الساحلية يوم الإثنين، ما أسفر عن مقتل مالا يقل عن 8 أشخاص وتدمير عدد من المنازل، مما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي إلى التهديد بأن سكان طهران “سيدفعون الثمن قريبًا”.
ورغم ذلك، لم يظهر المستثمرون علامات هلع، إذ حافظت أسواق العملات على استقرارها، فيما تعافت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية بعد تراجعها الطفيف في بداية الجلسة.
وارتفعت العقود الآجلة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 0.6%، بينما تراجع سعر “خام برنت” بأكثر من 1% ليصل إلى 73.38 دولارًا للبرميل.
وفسر المحللون هذا التراجع بعدم تأثر منشآت الإنتاج والتصدير النفطية بالضربات الأخيرة.
لكن الارتفاع الحاد في أسعار النفط الأسبوع الماضي بنسبة 13% يظل مقلقًا، إذ قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية تُجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على التريث في الإفصاح عن نواياه بشأن خفض أسعار الفائدة في اجتماع الأربعاء المقبل.
ورغم ذلك، ما تزال الأسواق تراهن على خفضين محتملين لأسعار الفائدة بحلول ديسمبر، مع ترجيح أن يبدأ أولها في سبتمبر المقبل.
وقال بن ليدلر رئيس استراتيجية الأسهم في بنك “براديسكو بي بي آي”: “السؤال الأهم هو مدى مرونة الفيدرالي في هذه المرحلة، ولقد تفاجأنا إيجابًا بعدم انتقال آثار التضخم الناتجة عن الرسوم الجمركية حتى الآن”.
وأضاف: “التطورات في الشرق الأوسط هي محور الاهتمام اليوم. الرسالة التي ترسلها الأسواق هي أنها غير خائفة كثيرًا، لكنها ترى أن هذا الأسبوع، الذي كان مزدحمًا أصلًا، قد أصبح أكثر توترًا، ما يدفع الكثير من المستثمرين إلى الترقب على الهامش”.
وفي الوقت الراهن، يترقب المستثمرون تطورات الأسبوع، إذ صعد مؤشر “إم إس سي آي” العالمي لأسهم جميع الدول بنسبة 0.2%، مقتربًا من أعلى مستوى سجله الأسبوع الماضي.
وارتفع مؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 0.4%، مدفوعاً بتعافي أسهم قطاع السفر بعد خسائر حادة يوم الجمعة، كما سجلت أسواق الأسهم في منطقة الخليج تعافيًا طفيفًا.
وفي آسيا، ارتفعت الأسهم الصينية من فئة “البلوتشيب” بنسبة 0.5%، كما صعد مؤشر هونغ كونغ بنسبة 0.7% بعد أن أظهرت البيانات نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 6.4% خلال مايو، متجاوزة التوقعات، في حين جاء نمو الإنتاج الصناعي موافقًا للتقديرات.
تأثيرات النفط على العملات
وفي أسواق العملات، تراجع الدولار الأمريكي جزئيًا أمام العملات الأوروبية بعد مكاسب يوم الجمعة، حيث صعد اليورو بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.1571 دولار، فيما استقر مقابل الين الياباني عند 144.16.
ويُعد ارتفاع أسعار النفط عامل ضغط سلبي نسبيًا على كل من الين واليورو، نظرًا لاعتماد كل من اليابان والاتحاد الأوروبي على واردات الطاقة، في حين تستفيد الولايات المتحدة كونها مصدرًا للطاقة.
وحققت عملتا النرويج وكندا، وهما من كبار مصدري النفط، مكاسب، إذ بلغ الكرونة النرويجية أعلى مستوى لها منذ أوائل عام 2023 قبل أن تستقر لاحقًا.
وذكرت مجموعة “دويتشه بنك”: “من الطبيعي أن تستفيد العملات التابعة لاقتصادات لديها فائض في الميزان التجاري للطاقة من الصدمة الحالية في أسعار النفط”.
وأضافت: “من اللافت أن الدولار الأمريكي يُصنّف الآن ضمن هذه الفئة، وهو ما يعكس تحول الولايات المتحدة من مستورد صافٍ للطاقة إلى مصدر صافٍ خلال السنوات الأخيرة”.
*البنوك المركزية تحت المجهر*
من المنتظر أن يعقد كل من البنك المركزي النرويجي والسويدي اجتماعات هذا الأسبوع، حيث يُتوقع أن يُقدم الأخير على خفض أسعار الفائدة.
أما البنك الوطني السويسري، فسيجتمع يوم الخميس، ومن المرجح أن يخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى الصفر، مع احتمالية اتخاذ خطوة أبعد نحو المنطقة السلبية، بالنظر إلى قوة الفرنك السويسري.
كما يعقد بنك اليابان اجتماعه يوم الثلاثاء، حيث يُتوقع أن يُبقي على أسعار الفائدة عند 0.5%، مع ترك الباب مفتوحًا أمام مزيد من التشديد لاحقًا هذا العام.
وتدور بعض التكهنات حول إمكانية أن يبطئ البنك وتيرة تقليص حيازاته من السندات الحكومية اعتبارًا من السنة المالية المقبلة.
وفي أسواق السندات، ارتفعت العوائد عالميًا بشكل طفيف، إذ صعد العائد على السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 3 نقاط أساس إلى 4.45%، فيما ارتفع عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بنقطتين ليصل إلى 2.56%.
أما الذهب، فقد خسر جزءًا من مكاسبه كملاذ آمن، وتراجع بنسبة 0.55% ليصل إلى 3,413 دولارًا للأونصة، مع هدوء نسبي في مزاج الأسواق.