المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

كيف أثّر الذكاء الاصطناعي على التوظيف العالمي؟

جمّدت كبريات شركات الاستشارات الرواتب المبدئية للعام الثالث على التوالي مع بدء الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل القطاع، ما اضطر الشركات إلى إعادة النظر في هيكلها التقليدي المعروف بـ”الهرم”

وتشير عروض الوظائف الصادرة من شركات مثل “ماكنزي” و”بوسطن كونسلتينج جروب” للعام 2026 إلى تثبيت رواتب الخريجين عند نفس مستويات هذا العام، وفقًا لما ذكرته شركة Management Consulted، التي تُدرب الطلاب على مقابلات العمل، وأشخاص مطلعون على تلك العروض.

وبحسب تقرير لفاينانشال تايمز، تعكس هذه العروض نهجًا حذرًا من شركات تُعد من أكبر المستقطبين للخريجين وطلاب الماجستير في إدارة الأعمال.

وقال نعمان ميان، المدير التنفيذي لشركة Management Consulted: “هناك تحسينات فعلية في الإنتاجية نتيجة تطبيق الذكاء الاصطناعي داخل الشركات”، مضيفًا أن “القدرة على استخراج قيمة أكبر من عدد أقل من الموظفين الصغار “تضغط على الرواتب نحو الانخفاض”.

وأضاف: “تأثير الذكاء الاصطناعي أكثر وضوحًا في الخدمات المهنية والتكنولوجيا مقارنة ببقية الاقتصاد”.

ووجدت Management Consulted أن حزم الرواتب للعام الأول للخريجين الجامعيين في الولايات المتحدة، بما في ذلك الرواتب والمكافآت، تراوحت بين 135,000 و140,000 دولار لدى ماكنزي، وBCG وباين وشركاه في 2024 و2025، بينما يمكن لخريجي الماجستير في إدارة الأعمال توقع 270,000-285,000 دولار.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الرواتب المبدئية لمستشاري “الكبار الأربعة”: ديلويت، وEY، وKPMG، وPwC والتي عادةً ما تكون أقل، قد توقفت عن الزيادة منذ 2022.

وقال ماركو أميتراينو، رئيس “بي دبليو سي بالمملكة المتحدة”، إن توظيف الخريجين انخفض في 2025، وأوضحت الشركة في أكتوبر أنها ستفشل في تحقيق هدف زيادة عدد موظفيها عالميًا بمقدار 100,000 بحلول 2026، وهو الهدف الذي وضع قبل 5 سنوات قبل طرح تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وأضاف محمد قندة رئيس PwC العالمي، لـ”فاينانشال تايمز” في أكتوبر أن الذكاء الاصطناعي زاد من إنتاجية موظفي الشركة، وفي مقابلة حديثة مع “بي بي سي” قال إن “بي دابليو سي” تبحث عن “مجموعة مختلفة من الموظفين” مقارنة بالملفات التقليدية للمرشحين، بما في ذلك مزيد من المهندسين.

وأوضح نعمان ميان أن هذا التوجه أصبح شائعًا بين شركات الاستشارات، حيث يقلل الذكاء الاصطناعي الحاجة إلى محللين عامين يقومون بتحليل البيانات وتجهيز عروض السوق والاستشارات الاستراتيجية على شكل عروض “باور بوينت”.

وأضاف: “الشركات تبحث عن موظفين متخصصين أكثر في منتصف مسيرتهم المهنية”، مع تركيز أقل على الاستشارات الاستراتيجية التقليدية، وتركز أكثر على مساعدة الشركات في تطبيق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مستطردًا: “من الصعب توظيف شاب عمره 23 عامًا في هذه المشاريع مقارنة بشخص ذو خبرة”، بحسب ميان.

ويشير بعض المسؤولين التنفيذيين إلى أن هذه السياسات التوظيفية الأكثر تحفظًا تأتي توقعًا لتحقيق مكاسب إنتاجية من الذكاء الاصطناعي، وليس لأن هذه المكاسب تتحقق فعليًا حتى الآن.

وتقدر بعض المصادر أن التوظيف بين الخريجين في أكبر شركات الاستشارات والمحاسبة بالمملكة المتحدة سينخفض بحوالي النصف في العام المقبل.

وقال أحد المسؤولين التنفيذيين: “بعض هذا تجاري، لأن السوق أصبح أصعب، ولكن جزء آخر يأتي توقعًا لتأثير الذكاء الاصطناعي؛ فتكاليف العمالة ترتفع بسبب التأمين الوطني والحد الأدنى للأجور، وقد يكون الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أو الاستعانة بمصادر خارجية أفضل من الاستثمار في البشر”.

ويعني هذا التحول أن الهيكل التقليدي المعروف بالهرم، الذي يوظف آلاف الموظفين المبتدئين ويقلل الأعداد تدريجيًا من خلال ثقافة “الترقية أو الخروج”، قد يكون على وشك التغيير.

ويتوقع بعض الخبراء ظهور هيكل “المسلة”، بعدد أقل من المستويات واعتماد أقل على الموظفين الصغار، بينما يتوقع آخرون هيكل “الساعة الرملية”، حيث ينضغط الوسط نتيجة أتمتة المهام الروتينية للموظفين المتوسطين بواسطة الذكاء الاصطناعي.

ويرى أنطونيو ألفاريز الثالث، رئيس Alvarez & Marsal بأوروبا، أن نموذج “الصندوق” هو الأنسب، بحيث يتوافق عدد الموظفين الكبار بشكل أكبر مع عدد المبتدئين، لأنه يعتمد بشكل أكبر على الخبراء بدلاً من “أعداد كبيرة من المحللين الصغار”.

وأضاف: “بينما نتوقع أن يزيد الذكاء الاصطناعي من التحليلات ويقلل الحاجة للعمالة المبتدئة، نتوقع أيضًا أن يزيد الطلب الإجمالي على خدماتنا، ما يخلق تعويضًا طبيعيًا”.

وبعد عدة سنوات من النمو البطيء للإيرادات، حرصت شركات الاستشارات على تطبيق الذكاء الاصطناعي داخليًا لتحسين الأرباح للشركاء، وأيضًا لإظهار الفوائد المحتملة للعملاء المتشككين.

وقال روب هورنبي الرئيس التنفيذي المشارك لشركة AlixPartners: “العملاء يسألون بشكل مشروع، ماذا تفعلون؟ أصبح هذا جزءًا من الاعتماد الجديد لتوضيح كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي داخل شركتك”.

وسرّحت “بي دابليو سي” 150 موظفًا في الوظائف الخلفية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنها “كما نساعد عملائنا يوميًا، نصبح أكثر رقمية”.

وسرّحت “ماكنزي” 200 وظيفة تقنية حول العالم مؤخرًا، قائلة إن الذكاء الاصطناعي يتيح فرصًا غير مسبوقة لنا ولعملائنا.

وخفّضت “أكسنشر” عدد موظفيها العالميين بأكثر من 11,000 لتصل إلى 779,000 موظف في الأشهر الثلاثة حتى أغسطس، وأعلنت أنها ستستبعد الموظفين الذين لا يمكن إعادة تدريبهم على استخدام الذكاء الاصطناعي.

ويؤسس بعض الشركاء السابقين في “الكبار الأربعة” شركات استشارية جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي، التي ستستخدم التكنولوجيا لاستبدال معظم الموظفين التقليديين من الموظفين المبتدئين.

وقال مارك بانكر، شريك سابق في Deloitte ومدير شركة Queen’s Tower Advisory الناشئة: “الاتجاه يبدو أن القاعدة ستتقلص مع أتمتة العمل الروتيني، لكن الحاجة للحكم والخبرة في القمة ستصبح أكثر أهمية”.

ومع ذلك، لا يتفق جميع المسؤولين التنفيذيين على أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على هيكل الهرم؛ إذ يرى إريك كوتشر، رئيس “ماكنزي” في أمريكا الشمالية، أنّ الشركة ستوظف 12% أكثر من الخريجين في 2026 مقارنة بهذا العام.

وأضاف: “ما نعمل عليه لا يزال يحتاج نفس المستوى من الذكاء والسرعة، وستقوم بالأشياء التي لا تستطيع الآلات القيام بها”.

وأشار هورنبي من AlixPartners إلى أن الهرم التقليدي من المرجح أن “يتقلص قليلًا”، لكنه أضاف: “سيظل هناك وظائف جديدة، بما في ذلك على المستويات المبتدئة، موجهة نحو إدارة وتنسيق أنظمة الذكاء الاصطناعي”.

اترك تعليقا