
يشهد العالم اليوم تحولًا جذريًا في مسار التكنولوجيا، وكان عام 2025 شاهدًا على العديد من التحوّلات؛ إذ غادر الذكاء الاصطناعي مختبرات التجربة ليدخل في صلب العمليات التشغيلية اليومية للأفراد والمؤسسات على حد سواء.
ولم يغيّر التطور المتسارع في النماذج اللغوية وتعدد الوسائط فقط طريقة بحثنا عن المعلومات، بل أعاد صياغة علاقتنا بالبرمجيات، والتسوق، وحتى مفاهيم الصحة والجمال.
وفي التقرير التالي نستعرض أبرز الاتجاهات التقنية التي هيمنت على المشهد، وكيف تحولت التكنولوجيا من أداة مساعدة إلى شريك استراتيجي يصنع المستقبل.
Gemini VS ChatGPT
ووفقًا لبيانات Sensor Tower في شهر ديسمبر ارتفعت حصة تطبيق Gemini من تنزيلات تطبيقات الهواتف الذكية الأسبوعية في أواخر نوفمبر بعد إطلاق Gemini 3، بينما ظل نمو ChatGPT أكثر استقرارًا.
وعلى مستوى الويب، تضاعفت زيارات موقع Gemini عالميًا بين أغسطس ونوفمبر، في حين لم تتجاوز زيادة زيارات ChatGPT خلال الفترة نفسها نحو 1% فقط.
أمَّا من حيث المستخدمين النشطين شهريًا، فقد سجّل Gemini نموًا يقارب 30% ليصل إلى 346 مليون مستخدم، مقابل نمو بنحو 5% لـ ChatGPT الذي بلغ 810 ملايين مستخدم شهريًا.
كاشفات الذكاء الاصطناعي (AI Detectors)
أظهرت تطورات 2025 أن كشف النصوص المولدة بالذكاء الاصطناعي أصبح أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، مع تراجع فعالية أدوات كانت تُعد معيارًا موثوقًا في السنوات السابقة.
وبيّنت الاختبارات الميدانية التي أُجريت خلال العام أن أدوات كشف نجحت بكفاءة عالية في 2024، مثل Quillbot، بدأت تفقد جزءًا من قدرتها على التمييز بين النص البشري والآلي عند التعامل مع نماذج متقدمة مثل ChatGPT-5، حيث انخفضت دقة الكشف لدى بعض هذه الأدوات من 96% إلى 83%.
ووفقًا لتقارير تقنية صادرة في نوفمبر 2025، تُعد الفئة الأصعب على الإطلاق في الاكتشاف هي النصوص الهجينة، إذ تهبط قدرة أدوات الكشف على التعرف عليها إلى أقل من 25%، ما يضع المؤسسات التعليمية والإعلامية أمام معضلة حقيقية في التحقق من المحتوى.
وسجّلت عمليات البحث المتعلقة بكشف النصوص المولدة بالذكاء الاصطناعي، بحسب موقع The Information، زيادة لافتة بنسبة 93.95%، وهو ما يعبّر عن حالة يمكن وصفها بـ”الشك الرقمي”، تزامنت مع الانتشار الواسع لنماذج مثل Gemini، وChatGPT، في قطاعات حيوية كالنشر والتعليم.
وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents)
وجمعت تقارير كبرى صادرة في 2025، من بينها تقارير IBM وGoogle Cloud، على أن الذكاء الاصطناعي انتقل من أنظمة “تستجيب” للأوامر وتولّد المحتوى، إلى أنظمة “تنفّذ وتعمل” بشكل مستقل، فيما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي الوكيل”.
وأظهرت دراسة حديثة صادرة عن PwC أنَّ 79% من الشركات اعتمدت بالفعل وكلاء ذكاء اصطناعي ضمن عملياتها، فيما أعلن 52% من مستخدمي الذكاء الاصطناعي التوليدي أنهم يشغّلون وكلاء ذكيين في بيئات إنتاج فعلية، وليس في مراحل تجريبية فقط.
ومن المتوقع أن يصل حجم سوق وكلاء الذكاء الاصطناعي عالميًا إلى 7.6 مليار دولار في 2025، مقارنة بـ5.4 مليار دولار في 2024.
وأفاد تقرير UiPath لعام 2025 بأن 77% من مديري تكنولوجيا المعلومات أبدوا استعدادهم للاستثمار في الذكاء الاصطناعي الوكيل خلال العام الجاري، بينما تخطط 88% من الشركات لزيادة إنفاقها الإجمالي على تقنيات الذكاء الاصطناعي خلال الـ12 شهرًا المقبلة.
وتشير بيانات إلى أنَّ الموظفين في 36% من المهن يستخدمون الذكاء الاصطناعي حاليًا لتنفيذ ما لا يقل عن 25% من مهامهم اليومية.
ويتوقع 32% من قادة الأعمال انخفاضًا في حجم القوى العاملة نتيجة الأتمتة، في حين يرى 43% منهم أن التأثير الأساسي سيكون في إعادة تشكيل الأدوار الوظيفية دون تقليص الأعداد.
الجمال والذكاء الاصطناعي
كشفت تقارير تحليل التوجهات الصادرة في الربع الأول من عام 2025 عن طفرة لافتة في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل قطاع الجمال والعناية الشخصية، حيث سجّلت استفسارات التجميل عبر ChatGPT نموًا وصل إلى 175%، لتصبح هذه الفئة من بين الأسرع توسعًا في تبنّي أدوات الذكاء الاصطناعي.
وبحسب دراسة FirstPageSage في أغسطس 2025 وتقرير Nectiv المعني بسلوك البحث، استقرت حصة ChatGPT، وCopilot مجتمعة عند 74% من سوق دردشة الذكاء الاصطناعي في قطاع التجميل.
وأظهرت البيانات أن مستخدمي الذكاء الاصطناعي يكتبون استفسارات أطول بمتوسط 5.48 كلمة مقارنة بمحركات البحث التقليدية مثل جوجل.
وبحسب “ماكينزي” للاستشارات فقد كشفت أنَّ “جوجل” لا يزال Google الأداة الأساسية للاكتشاف السريع والصفقات، حيث يعتمد عليه 80% من جيل Z في الاكتشاف الأولي للمنتجات، ومقارنة الأسعار، والبحث عن العروض الترويجية.
ومن جهة أخرى، يتجه المستهلكون إلى ChatGPT وأدوات الذكاء الاصطناعي عند الحاجة إلى الاستشارة المتخصصة، مثل تحليل مكونات مستحضرات التجميل أو مطابقة درجات الألوان مع لون البشرة.
البرمجة بالذكاء الاصطناعي Vibe Coding
وتُعد الشركة السويدية Lovable المثال الأبرز على التحول الجذري الذي يشهده قطاع البرمجيات في عصر الذكاء الاصطناعي، بعدما سجّلت في عام 2025 ما وُصف بأنه أسرع نمو لشركة برمجيات في التاريخ الحديث.
وفي يوليو 2025، أعلنت الشركة رسميًا تجاوزها حاجز 100 مليون دولار من الإيرادات السنوية المتكررة خلال ثمانية أشهر فقط من إطلاق منصتها التجارية في نوفمبر 2024، بل وضاعفت إيراداتها متجاوزة 200 مليون دولار بعد أربعة أشهر إضافية فقط، أي بحلول ديسمبر 2025.
ويأتي هذا النمو في سياق أوسع مرتبط بانتشار مفهوم ” Vibe Coding” الذي بدأ يفرض نفسه بقوة مطلع عام 2025، وتحديدًا في شهر فبراير، بعد أن استخدمه الباحث والمطور البارز أندريه كارباثي لوصف أسلوب جديد في البرمجة يقوم على صياغة الفكرة بلغة طبيعية، مع ترك التنفيذ التقني بالكامل لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وفي تقرير لمؤسسة “جارتنر” الصادر في مايو 2025، توقعت أن يتم إنتاج 40% من البرمجيات الجديدة داخل الشركات الكبرى باستخدام تقنيات Vibe Coding بحلول عام 2028.
كما تشير بيانات Stack Overflow لعام 2025 إلى أن 84% من المطورين يستخدمون حاليًا أو يخططون لاستخدام أدوات البرمجة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، كما ارتفع عدد مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي على منصة GitHub بنسبة 98% سنويًا، ما يعكس تحوّل تطوير التطبيقات من نشاط محصور بالمبرمجين المحترفين.




