كشفت شركة مايكروسوفت عن انخفاض حاد في عدد الأجهزة النشطة العاملة بنظام التشغيل ويندوز، حيث فقد النظام نحو 400 مليون جهاز خلال ثلاث سنوات ونصف فقط، في انعكاس واضح لتحولات جوهرية في سلوك المستخدمين وتراجع الاعتماد على الحواسيب التقليدية لصالح الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
وكشفت مايكروسوفت في تقرير عبر مدونتها عن مستقبل دعم نظام ويندوز 10، حيث أشارت الشركة إلى أن ويندوز يشغّل حاليًا أكثر من مليار جهاز نشط شهريًا.
ورغم أن الرقم يبدو كبيرًا، إلا أن مقارنة ذلك مع بيانات سابقة تكشف حجم التراجع؛ فقد أعلنت الشركة في يناير 2022 أن عدد الأجهزة النشطة بلغ 1.4 مليار جهاز، مما يعني خسارة أكثر من ربع القاعدة النشطة في فترة قصيرة نسبيًا.
ووفقاً لموقع ZDNet، فإن هذه الأرقام لا تُنشر بشكل عشوائي، بل تخضع لمراجعة قانونية دقيقة نظرًا لتأثيرها المباشر على الأسواق المالية، ما يعزز من مصداقية التراجع المسجل.
تغيرات ما قبل وبعد الجائحة
وقبل جائحة كوفيد-19، كان سوق الحواسيب يشهد انكماشًا ملحوظًا، خاصة في القطاع الاستهلاكي.
وأظهرت تقارير مؤسسة IDC أن النمو في تلك الفترة كان مدفوعًا بصفقات مؤسسية ضخمة أبرمتها شركات مثل إتش بي، ولينوفو، وديل لتحديث أجهزتها، في وقت لم يكن المستخدم العادي يبدل أجهزته إلا نادرًا، باستثناء فئة اللاعبين والمحترفين.
لكن الجائحة قلبت هذا الاتجاه، مع التحول المفاجئ إلى العمل والدراسة عن بعد، ما أدى إلى انتعاش كبير في مبيعات الحواسيب.
وتشير التقديرات إلى بيع نحو 130 مليون جهاز إضافي خلال عامي 2020 و2021، مقارنة بالمعدلات المتوقعة في ظروف طبيعية.
ومع انحسار تأثير الجائحة، عاد السوق إلى التراجع، ويُعتقد أن عام 2023 مثّل ذروة مبيعات الحواسيب لهذا العقد.
تراجع أجهزة “ماك” أيضًا
لم تكن أجهزة مايكروسوفت وحدها المتأثرة، إذ شهدت حواسيب ماك من أبل تراجعًا في مبيعاتها بعد أن بلغت ذروتها عند أكثر من 40 مليار دولار في عام 2022، لتنخفض بنسبة تقترب من 27% لاحقًا، حسب مستندات رسمية للشركة.
ومن المقرر أن تنهي مايكروسوفت الدعم الرسمي لنظام ويندوز 10 في 14 أكتوبر 2025، وهي خطوة تهدف إلى دفع المؤسسات والمستخدمين نحو تحديث أجهزتهم.
لكن هناك مخاوف من أن العديد من المستخدمين، لاسيما الأفراد، قد يفضلون الاحتفاظ بأجهزتهم القديمة، مما قد يؤدي إلى انخفاض عدد الأجهزة النشطة إلى أقل من مليار لأول مرة منذ سنوات.
وعملت مايكروسوفت خلال السنوات الأخيرة على تنويع مصادر دخلها.
فقد اقتربت إيرادات قسم Xbox من تلك التي يحققها نظام ويندوز، بينما أصبحت خدمات Azure السحابية وترخيصات Microsoft 365، تمثل العمود الفقري لعائدات الشركة.
وكانت الشركة تشير سابقًا إلى أن عدد الحواسيب الشخصية عالميًا يقدر بـ1.5 مليار، لكن هذا الرقم بات موضع شك في ظل تباطؤ وتيرة استبدال الأجهزة، مقارنة بوتيرة تقادمها.
ويرى محللون أن الانتعاش الذي شهدته السوق في عام 2020 كان حالة استثنائية مؤقتة، وأن السوق عاد إلى مسار التراجع مجددًا، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل الحواسيب الشخصية في ظل تزايد الاعتماد على الأجهزة المحمولة والخدمات السحابية.
