
هل يعتبر الذكاء الاصطناعي زميل عمل فعلي؟ فرغم تعدد أشكاله؛ إلا أنّه يسوّق بأسماء وشخصيات بشرية للإيحاء بأنّه ليس مجرد كود؛ بل زميل عمل فعلي.
وبحسب موقع “TechCrunsh”؛ فإنَّ عدد متزايد من الشركات الناشئة تلجأ لتشخيص الذكاء الاصطناعي؛ لبناء الثقة بسرعة، وتخفيف التهديدات المحتملة لوظائف البشر.
يشير الموقع إلى أنّه بسبب الاقتصاد غير المستقر؛ وأنَّ كل عملية توظيف أضحت مخاطرة كبيرة، بدأت الشركات الناشئة تطرح الذكاء الاصطناعي كـ”أفراد” وليس برمجيات.
ويصف الموقع تلك العملية بـ”أنّها مقصودة لاستمال مديري التوظيف، إذ يبيعون بدائل بشرية مثل مساعدون بالذكاء الاصطناعي، مبرمجون بالذكاء الاصطناعي، موظفون بالذكاء الاصطناعي”.
في السياق ذاته؛ لم تعد بعض الشركات تتعامل بالتمويه حول الأمر؛ فمثلًا شركة Atlog، قدمت مؤخرًا ما أسمته “موظف ذكاء اصطناعي لمتاجر الأثاث”، والذي يتولى كل شيء بدايةً من التسويق وصولًا إلى المدفوعات.
وتتحدث الشركة بفخر شديدٍ عن أنّ مديرٍ واحد يستطيع الإشراف على 20 متجرًا، في خطوة تهدف إلى إيصال رسالة معيّنة “لا حاجة لمزيد من الناس”، ولا أحد يتحدث عن الـ19 مديرًا الذين تم الاستغناء عنهم.
وتتبنى الشركات الموجهة للمستهلك، بحسب الموقع، نفس الأسلوب؛ حيث أطلقت شركة “أنثروبيك” منصتها باسم “كلاود”، وهو اسم يوحي بالدفء والموثوقية، “لأنّه من السهل استخدام أسماء البشرية لإخفاء طبيعة المعاملات الباردة”، حسبما يشير الموقع.
تفاقم المشكلة
يضيف الموقع: “مع كل إعلان جديد عن موظف ذكاء اصطناعي؛ يزداد الشعور بأنّه أمر غير إنساني ومجرّد”، لأنّه يذكّر بوجود أناس حقيقيين في جميع أنحاء العالم بدأ يتم اختزالهم وتحويلهم إلى بوتات وظيفية.
ولم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد فضول تقني؛ بل إن انتشاره يتسّع، حتى وإن كانت تداعياته غير واضحة؛ فمثلًا في مايو الماضي كشف تقرير البطالة الأمريكي عن 1.9 مليون أمريكي عاطل عن العمل، وكثير منهم من العاملين في القطاع التقني الذين تم تسريحهم.
بحاجة لبشر وليس لأدوات
وفي تصريحات صحفية، توقّع الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك” داريو أمودي، أن يقضي الذكاء الاصطناعي خلال الـ5 سنوات المقبلة على “نصف الوظائف الإدارية المبتدئة”.
يفيد تقرير TechCrunsh أنّ الأمر يبدو مختلفًا عن قطع الأكسجين عن شخصٍ ما؛ لكن الفكرة ليس بعيدة؛ فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يتم الاستغناء عنهم بسبب رواتبهم، سيصبح الذكاء الاصطناعي “زميل عمل”.
يشدد الموقع على أنّ التحول نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي سيحدث شئنا أم أبينا؛ لكن الشركات لا تزال تملك حرية الاختيار بين الأدوات الاصطناعي والبشر، مستشهدًا بشركة IBM التي لم تطلق على حواسيبها الرقمية اسم “زملاء رقميين”، ولم تسوّق أجهزة الكمبيوتر الشخصية باعتبارها مساعدين برمجة؛ بل كمحطات عمل وأدوات إنتاجية.
وختم الموقع تقريره بالقول: “الأدوات يجب أن تمكّن البشر لا أن تحل محلهم؛ فلسنا بحاجة إلى مزيد من الموظفين بالذكاء الاصطناعي؛ بل بحاجة إلى أدوات ذكية تزيد من إنتاجية البشر وترفع من قدرتهم التنافسية”.