
تخوض شركة “آبل” محادثات أولية مع “جوجل” لاستكشاف إمكانية استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي “جيميناي” التابع لـ”ألفابت” في تطوير نسخة جديدة ومحسّنة من مساعدها الصوتي “سيري”، في خطوة قد تمثل تحولًا جذريًا في استراتيجية الشركة فيما يخص الذكاء الاصطناعي التوليدي.
بحسب مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية الموضوع، فإن “جوجل” باشرت فعلًا في تدريب نموذج مخصص يمكن تشغيله على خوادم “آبل”، بهدف دعم نسخة مستقبلية من “سيري” تُطلق العام المقبل.
وتأتي هذه الخطوة في ظل سعي “آبل” لتعويض تأخرها الملحوظ في سباق الذكاء الاصطناعي، إذ فشلت في إطلاق ترقية مرتقبة لـ”سيري” هذا العام، كانت تهدف إلى تمكين المساعد الصوتي من التفاعل مع البيانات الشخصية للمستخدم وتنفيذ أوامر أكثر تعقيدًا، وقد أُجّل هذا التحديث لمدة عام نتيجة تحديات هندسية.
وخلال الأشهر الماضية، ناقشت “آبل” إمكانية التعاون مع شركتي “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” إلا أن الشروط المالية للمقترحات حالت دون الوصول إلى اتفاق، ما دفع الشركة لتوسيع نطاق بحثها ليشمل “جوجل”.
ورغم عدم اتخاذ قرار نهائي بعد، إلا أن خيار الاستعانة بـ”جيميناي” يلقى اهتمامًا كبيرًا داخل الشركة، وخصوصًا بعد إعادة هيكلة الإشراف على مشروع “سيري”، الذي بات تحت قيادة رئيس البرمجيات كريج فيديريجي، ورئيس قسم الواقع المختلط مايك روكويل، بعيدًا عن مسؤول الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا.
وفقًا للتقارير، تدير “آبل” حاليًا تجربتين داخليتين متوازيتين لتطوير “سيري”: الأولى تعمل بنماذج الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة داخليًا وتحمل اسم “لينوود”، والثانية باسم “جلينوود” تعتمد على تقنيات مطورين خارجيين، وتهدف هذه المقارنة إلى تقييم الأداء وتحديد المسار الأمثل قبل اتخاذ القرار النهائي.
وفي الوقت ذاته، بدأت فرق العمل في “آبل” بعقد اجتماعات مع مسؤولي الذكاء الاصطناعي لدى شركات خارجية، تشمل “أنثروبيك” و”أوبن إيه آي”، سعيًا لإيجاد شريك مناسب يدعم تطلعات الشركة في هذا المجال.
شراكات متشابكة ومنافسة محتدمة
ورغم المنافسة الشديدة بين “آبل” و”جوجل” في مجالات الهواتف الذكية وخدمات الإنترنت، إلا أن الشركتين ترتبطان بشراكة كبيرة منذ سنوات، تدفع بموجبها “جوجل” مليارات الدولارات سنويًا لتكون محرك البحث الافتراضي على أجهزة “آبل”، ومع ذلك، تخضع هذه الصفقة حاليًا لتدقيق قانوني من وزارة العدل الأمريكية.
وبينما لا تزال المحادثات بشأن استخدام “جيميناي” في مرحلة مبكرة، فإن “جوجل” تمتلك خبرة في مثل هذه الشراكات، إذ توفر بالفعل نماذج الذكاء الاصطناعي لعدد من هواتف “سامسونج”.
ضغط داخلي وهجرة كفاءات
واجهت “آبل” خلال الفترة الأخيرة موجة من خروج الكفاءات من فريق الذكاء الاصطناعي؛ فقد غادر كبير مهندسي الفريق روومينج بانج إلى شركة “ميتا” في يوليو الماضي بعد تلقيه عرضًا ضخمًا، تبعه عدد من زملائه.
ويخشى كثير من المهندسين داخل “آبل” أن يتم استبدال نماذجهم بنماذج خارجية، ما يدفع البعض للبحث عن فرص أفضل في السوق.
ورغم ذلك، تواصل “آبل” الاستثمار في تطوير نماذجها الخاصة؛ فقد بدأ فريق “Foundation Models” في اختبار نموذج ضخم يحتوي على تريليون مُعامل، في محاولة للحاق بالشركات الرائدة مثل “أوبن إيه آي”، التي تعتمد بالفعل على نماذج ذات تعقيد مماثل؛ لكن هذا النموذج الجديد مخصص للأبحاث في الوقت الحالي، ولا توجد خطط فورية لطرحه على المستخدمين.
في المرحلة الحالية، تعتمد ميزات الذكاء الاصطناعي في نظام “iOS 26″، على “تشات جي بي تي” في مهام مثل توليد الصور، كما ألغت “آبل” مشروعًا داخليًا لتطوير نظام برمجة قائم على الذكاء الاصطناعي، مفضّلة التعاون مع شركاء خارجيين لتسريع الإنجاز.
ويبدو أن “آبل” تواجه خيارًا استراتيجيًا حاسمًا: إما الاعتماد على نماذجها الداخلية رغم التأخير، أو الدخول في شراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى، حتى وإن كانت من منافسيها.
وفي تصريحات داخلية، شدد الرئيس التنفيذي تيم كوك على أهمية “الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي”، مذكرًا بأن “آبل” لا تكون دائمًا الأولى، لكنها تسعى دائمًا لتقديم الأفضل.