
تقدمت شركة “إنفيديا”، بطلبات للحصول على التراخيص اللازمة لاستئناف بيع شرائح الذكاء الاصطناعي من طراز H20 في السوق الصينية، في خطوة تأتي بعد شهور من التقلّبات التنظيمية التي شهدت فرض قيود من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ثم التراجع عنها سريعًا في أعقاب اجتماع رفيع المستوى.
وذكرت الشركة في منشور على مدونتها أنها تتوقع الحصول على التراخيص من الحكومة الأميركية قريبًا، ومن ثم بدء عمليات التسليم.
كما كشفت عن شريحة جديدة تحمل اسم RTX Pro، مصممة خصيصًا للسوق الصينية، مؤكدة أنها “متوافقة بالكامل” مع القوانين التنظيمية، ومثالية لتطبيقات التصنيع الرقمي مثل المصانع الذكية واللوجستيات.
وتعد شريحة H20 محورًا أساسيًا في التوتر القائم بين الولايات المتحدة والصين في مجال التكنولوجيا، ورغم أنها ليست الأقوى ضمن مجموعة معالجات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها الشركة، فإنها الأكثر تطورًا المسموح ببيعها إلى الصين بموجب القيود الحالية على الصادرات.
وصممت هذه الشريحة خصيصًا لمهام “الاستدلال”، أي تشغيل النماذج الذكية الموجودة للاستخدام اليومي، وليس لتدريب أنظمة ذكاء اصطناعي جديدة.
وكانت شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى، بما في ذلك ByteDance وAlibaba وTencent، قد سارعت خلال الربع الأول من العام الجاري إلى تخزين كميات كبيرة من هذه الشرائح تحسبًا لتشديد محتمل في الضوابط.
ويكمن جاذبية هذه الشريحة في تفوقها من حيث عرض النطاق الترددي للذاكرة مقارنة بالبدائل المحلية، إلى جانب التكامل السلس مع منظومة برمجيات إنفيديا الواسعة الانتشار.
وبدأ الجدل التنظيمي في أبريل، عندما فرضت إدارة ترامب قيودًا على بيع شريحة H20، ما كان سيكلف الشركة ما بين 15 و16 مليار دولار من العائدات، استنادًا إلى حجم الطلب من قبل الشركات الصينية خلال الربع الأول.
واستهدفت القيود الشرائح التي تتجاوز عتبات أداء معينة، مثل عرض النطاق الترددي للذاكرة الإجمالية الذي يتخطى 1400 جيجابايت في الثانية، أو عرض النطاق الترددي لعمليات الإدخال والإخراج الذي يتجاوز 1100 جيجابايت في الثانية.
لكن تلك القيود لم تدم طويلًا؛ فبعد أيام من حضور الرئيس التنفيذي لإنفيديا جنسن هوانج، حفل عشاء حصري في منتجع “مارالاجو” التابع للرئيس الأمريكي ترامب بلغت كلفة الحضور فيه مليون دولار للفرد، تم تعليق الحظر.
وبحسب إذاعة “إن بي آر”، فإن البيت الأبيض أعاد النظر في القرار بعد تعهد إنفيديا باستثمارات جديدة في مراكز البيانات داخل الولايات المتحدة.
وفي غضون أسبوع من نشر تقرير “إن بي آر”، أعلنت إنفيديا عن خطة لبناء خوادم ذكاء اصطناعي في أمريكا بقيمة قد تصل إلى 500 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، بالتعاون مع شركاء من ضمنهم شركة TSMC التايوانية.
وأثار هذا التذبذب في السياسات انتقادات من عدد من المشرّعين الأمريكيين، الذين اعتبروا أن هذا التذبذب يقوّض جهود الحد من قدرات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرين إلى شركة “ديب سييك” الصينية كمثال حي على تلك المخاوف، حيث نجحت الشركة في تطوير نموذج ذكاء اصطناعي متقدم باستخدام شرائح H800 من إنفيديا، وهي نسخة أكثر قوة من H20 تم حظرها في أكتوبر 2023، رغم أن الموردين الصينيين تمكنوا من إيجاد طرق التفافية للحصول عليها.
وفي تصريح لموقع “تك كرانش”، قال المتحدث باسم إنفيديا هيكتور مارتينيز، إن هوانج عقد لقاءات مع مسؤولين في واشنطن وبكين خلال هذا الشهر، مشددًا على “الفوائد التي سيجلبها الذكاء الاصطناعي للأعمال والمجتمعات حول العالم”.
وتسلط هذه التطورات الضوء على المعضلة المستمرة التي تواجه صناع القرار في الولايات المتحدة، بين اعتبارات الأمن القومي والمصالح التجارية الكبرى؛ وما حدث حتى الآن في عام 2025 يوحي بأن مثل هذه التراجعات قد تتكرر مستقبلًا.