المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

استثمارات هائلة وحرب المواهب.. كيف يرى العباقرة الذكاء الاصطناعي؟

بدت نقاشات الذكاء الاصطناعي في مؤتمر “أنظمة معالجة المعلومات العصبية” المعروف بـNeurIPS، غير تقليدية وغير أكاديمية، إذ عبّر الباحثون المشاركون عن مخاوفهم المتزايدة من الاختراقات والتجسس داخل مختبرات الذكاء الاصطناعي الكُبرى.

يشير تقرير إلى أنَّ المشاهد التي اكتنفها المؤتمر تعبّر عن التحول الجذري لما كان عليه المؤتمر لسنواتٍ عديدة؛ إذ اعتُبر ملتقىً محدودًا لنخبة من الباحثين الأكاديميين العاملين على أطراف أبحاث الذكاء الاصطناعي؛ لكنّه اليوم تحوّل إلى حدث عالمي ضخم أشبه بمهرجان تقني يجمع العلماء والمستثمرين ورواد الأعمال وصناع القرار.

واستقطب المؤتمر الذي عُقد في سان دييجو في مطلع ديسمبر لجاري، نحو 24 ألف مشاركٍ؛ وعلى مدار أيام المؤتمر، ازدحمت قاعات مركز المؤتمرات بعروض أحدث الأبحاث، فيما استمرت النقاشات في أروقة المكان والمقاهي والمطاعم المحيطة حول مستقبل التكنولوجيا التي بات يُنظر إليها على أنها قوة قادرة على إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

وتطرّقت النقاشات إلى المنافسة المحتدمة بين مختبرات الذكاء الاصطناعي، وإلى التقارير عن إعلان OpenAI حالة “الكود الأحمر” في مواجهة تهديدات متصاعدة لهيمنتها.

كما عبّر باحثون أكاديميون عن قلقهم من تعاظم نفوذ الشركات الكبرى داخل المجال البحثي، في وقت لم تُخفِ فيه النقاشات الجانبية فضولًا متزايدًا بشأن العروض المالية التي قد تدفعهم للانتقال إلى القطاع الخاص.

كما تناول الباحثون بشيءٍ من الجدال قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة الدماغ البشري بشكل كامل، والثقة في قادة الصناعة ومستقبل الشركات الكبرى.

ويشير تقرير “وول ستريت جورنال” إلى أنَّ المؤتمر لم يعد مجرد مؤتمر علمي، بل مرآة لصناعة تعيش ذروة نفوذها وأسئلتها الوجودية في آن.

وفي كواليس المؤتمر، تداول الباحثون همسًا تساؤلات حول أي مختبر قد ينجح أولًا في تطوير ما يُعرف بـ”الذكاء الفائق” القادر على تجاوز القدرات البشرية، وحول ما إذا كان القطاع يعيش فقاعة استثمارية ضخمة مهددة بالانفجار.

وعكس أسبوع المؤتمر، في مجمله، التناقض الذي طبع مسار الذكاء الاصطناعي خلال العام: وعود هائلة تقابلها مخاطر متزايدة؛ فقد شهد القطاع قفزات كبيرة في الاستثمارات وتقييمات الشركات الناشئة، بالتوازي مع تصاعد القلق من احتمال انهيار اقتصادي مفاجئ.

وتشير “وول ستريت جورنال” في ربع مالي واحد فقط، التزام شركات مايكروسوفت وألفابت وأمازون وميتا بأكثر من 100 مليار دولار لبناء بنى تحتية باهظة الكلفة؛ في الوقت ذاته الذي تواصل فيه أوبن إيه آي تسجيل خسائر، وتسعى من خلال خططها لجمع تمويل إضافي والدخول في صفقات تتطلب إنفاقًا أكبر.

كما شهد العام ارتفاعًا استثنائيًا في القيمة السوقية لشركة إنفيديا، التي كانت تقل عن 500 مليار دولار عند إطلاق ChatGPT في عام 2022، قبل أن تبلغ ذروتها عند نحو 5 تريليونات دولار، ثم تتراجع مجددًا مع نهاية عام 2025.

ومع تقدم العام، أشعل مارك زوكربيرغ سباقًا محمومًا على المواهب، عبر حملة توظيف غير مسبوقة داخل شركة “ميتا”، عارضًا حزم تعويضات ضخمة لاستقطاب نخبة باحثي الذكاء الاصطناعي.

وفي بعض الحالات، وصلت قيمة هذه العروض إلى مستويات غير معهودة، ما دفع المنافسين إلى الرد بحوافز مماثلة، وتحولت المنافسة على العقول إلى حرب رفعت أجور مختصي الذكاء الاصطناعي إلى مستويات تفوق رواتب نجوم دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين.

مؤتمر NeurIPS
وبدأ مؤتمر NeurIPS عام 1987 كملتقى أكاديمي محدود، يضم بضع مئات من الباحثين المتخصصين في تعلم الآلات وأبحاث الدماغ، وكان المجال حينها هامشيًا يقتصر على أساتذة وطلاب دراسات عليا.

ومع مرور السنوات، تحول المؤتمر إلى منصة محورية لصناعة الذكاء الاصطناعي، حيث شهد إطلاق OpenAI عام 2015، وتقديم نموذج GPT-3 عام 2020، وإطلاق ChatGPT عام 2022، محققًا شهرة واسعة.

إلا أن المؤتمر لم يعد كما كان في السابق مفتوحًا بالكامل لتبادل الأبحاث؛ فقد لاحظ المشاركون أن الشركات الكبرى باتت أقل ميلًا لمشاركة أبحاث جديدة، حيث تُعتبر الأوراق البحثية المقدمة بعد أشهر من قبولها قديمة نسبيًا في ظل سرعة تطور القطاع.

وتراجع عدد الملصقات المتعلقة بعلم الأعصاب، وهو الجانب الذي أعطى اسمًا للمؤتمر، لصالح التركيز على النماذج اللغوية الضخمة التي تقود طفرة الذكاء الاصطناعي.

وعلى هامش الأبحاث، تحول المؤتمر إلى منصة تجارية ضخمة، حيث احتوت قاعات العرض على أجنحة توظيف تديرها شركات التكنولوجيا الكبرى وشركات ناشئة ممولة بسخاء.

وفي جناح جوجل، تم استعراض أحدث الأبحاث، بينما عرضت “تسلا” روبوتها “أوبتيموس” بأصابعه الشبيهة بالبشر أمام الجمهور، ويعكس هذا التحول المزيج بين البحث العلمي والمصالح التجارية، وما أصبح يمثل “NeurIPS” اليوم من قوة محركة لصناعة الذكاء الاصطناعي العالمية.

وعلى الجانب الآخر، كانت مناقشات أخرى تركز على العروض المالية المغرية للباحثين للانتقال من الأكاديميا إلى القطاع الصناعي، حيث يحصلون على رواتب خيالية، خيارات أسهم، وقدرات حاسوبية متقدمة؛ فبعض الباحثين كشفوا عن أرقام تصل إلى 100 مليون دولار.

وفي أروقة المؤتمر، لم يكن نجوم الذكاء الاصطناعي قادرين على التحرك بحرية دون جذب الاهتمام؛ فجيف دين كبير العلماء في جوجل، قدم محاضرات مكتظة حول أحدث نموذج “جيميناي”، فيما حلّق الباحثون حول ريتشارد ساتون، رائد التعلم المعزز، وحظي مقدّم البودكاست ليكس فريدمان بإقبال كبير لإجراء مقابلات مع كبار الشخصيات في المجال، من ألتمان إلى زوكربيرج.

اترك تعليقا