
تشهد أسواق المال العالمية حالة من القلق المتزايد حيال التأثير المحتمل لأدوات الذكاء الاصطناعي على كبرى شركات البرمجيات، ما أدى إلى موجة بيع واسعة النطاق في القطاع وأثار مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل الصناعة.
وسجلت أسهم شركة “مونداي دوت كوم” تراجعًا حادًا بنسبة 30% الثلاثاء الماضي، في انخفاض لفت الأنظار في الأسواق الأوروبية.
ويرى محللون أن هذا الهبوط يعكس مزيجًا من نتائج أقل من التوقعات ومخاوف متنامية من التهديد التنافسي طويل الأمد الذي يمثله الذكاء الاصطناعي.
وتأثرت شركات البرمجيات الكبرى والصغرى على حد سواء، إذ هبطت أسهم “ساب” الألمانية، أكبر شركة برمجيات أوروبية من حيث القيمة السوقية، بنسبة 7.1% في بورصة فرانكفورت، ما محا نحو 22 مليار يورو من قيمتها السوقية في أدنى مستويات الجلسة.
كما تراجعت أسهم “سيج جروب” و”داسو سيستيم” في أوروبا، امتدادًا لانخفاضات طالت أسهم شركات أمريكية بارزة مثل “سيلزفورس” و”ووركداي” في جلسة الإثنين.
وتتمثل المخاوف الرئيسية في أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تتيح تطوير التطبيقات بوتيرة أسرع وكلفة أقل بكثير، ما يهدد النماذج التقليدية لشركات البرمجيات.
وكان الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي”، سام ألتمان، قد حذر مطلع الشهر من دخول القطاع في ما وصفه بـ”عصر الموضة السريعة”، في إشارة إلى تسارع وتيرة الابتكار بفعل الذكاء الاصطناعي.
وفي مذكرة بحثية، أشار محللو “آر بي سي كابيتال ماركتس” إلى أن “تقييمات البرمجيات لا تزال تحت ضغط من السرد القائل بـ”هلاك البرمجيات بسبب الذكاء الاصطناعي”، ما قد يبقي التقلبات حاضرة على المدى القصير.
ووفق بيانات السوق، يعد قطاع البرمجيات من بين الأضعف أداءً في التكنولوجيا هذا العام، حيث فقدت أسهم “سيلزفورس” أكثر من 30% من قيمتها، بينما تراجعت “أدوبي” بنحو 25%.
ولم تقتصر المخاوف على شركات البرمجيات، بل طالت أيضًا شركات أبحاث واستشارات تقنية المعلومات مثل “جارتنر”، التي خفضت توقعاتها السنوية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى عوامل مثل الرسوم الجمركية وتخفيض الميزانيات الحكومية، في حين يرى محللون أن المنافسة من أدوات الأبحاث المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لعبت دورًا في هذه التوقعات المتراجعة.
ورغم هذه الأجواء، يعتقد بعض المحللين أن الانخفاضات الحادة قد تمثل فرصًا للشراء؛ فقد رفع “مورجان ستانلي” توصيته لأسهم “مونداي دوت كوم” إلى “وزن زائد”، معتبرًا أن سعر السهم يعكس بالفعل مخاطر تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلانات الرقمية والتسويق القائم على الأداء.
أما برنت ثيل، المحلل في “جيفريز”، فقال في مقابلة مع “سي إن بي سي” إن “المستثمرين يخشون أن يلتهم الذكاء الاصطناعي البرمجيات ويؤدي لانهيار التقييمات”، مضيفًا: “أرى أن هذا الخوف مبالغ فيه، لكننا نعيش فترة لا يمنح فيها المستثمرون اهتمامًا كافيًا لهذا القطاع”.