الصحة النفسية على منصات التواصل الاجتماعي هل يمكن تحقيقها؟

رسالة دبي- نيرة عيد

نيرة عيد

في إحدى النشرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية كان تعليقها على منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها “السبيل الذي يسلكه كثير من الأشخاص للحصول على المعلومات، وستمثّل على الأرجح مصادر رئيسية للمعلومات بالنسبة إلى الأجيال القادمة من الآباء والأمهات. وننظر إلى هذه المسألة باعتبارها إحدى المسائل الحاسمة التي تحتاج إلى تضافر جهودنا لحماية صحة الناس وأرواحهم.”

وفي هذا البيان المنشور على الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية كان الغرض الأساسي منه عدم اعتبار تلك المنصات هي المصدر الأساسي للمعلومات نظرًا لما يمكن أن تحمله من تضليل.

لكن كيف يكون الحال إن كان أكثر من نصف مستخدمي تلك المنصات يعتبرونها هي المصدر الأساسي للحصول على المعلومات مقارنة بغيرها من المنصات الإعلامية الأخرى، متفوقة بطبيعة الحال على التلفزيون والمنصات الإخبارية وغيرها من الأدوات التقليدية.

ووفقًا للباحث مارك سي هويل الحاصل على درجة الدكتوراة من جامعة ساوث فلوريدا، فإن 3.9% من مستخدمي فيسبوك في السن بين 13-17 عامًا فيما ترتفع هذه النسبة لتسجل 67% على منصة تيك توك، ويقول الباحث نفسه إن 97% من الأطفال والمراهقين يستخدمون الإنترنت بصفة يومية.

ويشير هويل إلى ارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية والقلق بين الشباب مع ارتفاع نسبة التعرض لمنصات التواصل الاجتماعي حيث قد يصل الأمر إلى إيذاء النفس أو نوبات القلق أو ما هو أخطر من ذلك.

وعقدت منصة تيك توك اليوم قمة “الصحة النفسية للشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا”، وخلال القمة ناقش المشاركون عدد من القضايا الهامة بما في ذلك الصحة النفسية للشباب وأهمية الوعي بالثقافة الإعلامية ومهارات التفكير الناقد في المشهد الرقمي الحالي.

أكدت دكتورة نائلة حمدي، عضو المجلس الاستشاري للسلامة في تيك توك، على أهمية الوعي بالثقافة الإعلامية والتنقل بين أنواع مختلفة من المحتوى، لاسيما في العصر الذي تنتشر فيه المعلومات بسرعة، وأضافت: “من الضروري تقييم المحتوى بشكل ناقد واتخاذ الإجراء المناسب، لذلك نشجع الشباب ليس فقط على إنشاء المحتوى ولكن أيضًا على أن يصبحوا مواطنين رقميين مسؤولين، وأن يلعب الآباء والمربون دورًا مركزيًا في تقديم الثقافة والوعي الإعلامي للشباب “.

من جهتها، قالت جنى بو رسلان، المدربة والمتحدثة في الصحة النفسية والقيادة والمحاضرة في علم النفس التربوي: “إن إشراك الآباء يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتوفير مجتمعات رقمية آمنة لجيل الشباب، حيث تعتبر رؤاهم قيمة ليس فقط في الحفاظ على السلامة العقلية والنفسية، ولكن أيضًا في توجيه الشباب وتعليمهم كيفية التفاعل مع المنصات الرقمية بطريقة صحية ومسؤولة”.

من ناحيتها قالت المدونة وصانعة المحتوى على «تيك توك» مايثة محمد، إن نسبة كبيرة من تعامل المستخدمين مع المحتوى المعروض وتأثيره بالسلب أو الايجاب على هؤلاء المستخدمين يتعلق بشكل أساسي؛ بطبيعة المحتوى، موضحة أنها بدأت صنع المحتوى الخاص بها بنصائح عن التربية والعلاقة بين الأطفال وذويهم وبالتالي استطاعت جذب نسبة كبيرة من المتفاعلين.

“التعرض لنسبة كبيرة من النقد والتجريح على منصات التواصل الاجتماعي يمثل واحدًا من التحديات التي تواجه الجميع سواء كانوا من صناع المحتوى أو حتى من المستخدمين التقليديين في ظل اعتقاد المنتقدين بأنه يمكنهم النقد وتوجيه التعليقات اللاذعة دون التعرف على هويتهم” وفقًا لمايثة.

التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها مجتمعًا تقليديًا قابلاً للنقد والتحليل يحمي نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين والنشء من الصدمات على تلك المنصات، واستخدام التفكير التحليلي في التعامل مع الشبكات المختلفة على الانترنت قد يمثل طوقًا حقيقًا للنجاه من أي ضرر نفسي قد يلحق بالأطفال على الإنترنت، وهو الدور الذي يجب أن يتكاتف فيه المجتمع سواء من صناع المحتوى والمستخدمين وذويهم والجهات الأكاديمية وحتى الحكومات مع استحواذ تلك المنصات على نسبة تتخطى نصف سكان الكرة الأرضية.

 

اترك تعليقا