المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

بلومبرج: وادي السيليكون تحت تأثير “الاستحواذ العكسي على الكفاءات”

وقف دومينيك بيريلا الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة “كراكتر إيه آي”، في أغسطس الماضي، أمام مئة موظف في منتجع “سيلفرادو” في نابا بولاية كاليفورنيا، حيث واجه أسئلة مباشرة حول مستقبل الشركة عقب مغادرة مؤسسيها نوام شازير ودانيال دي فريتاس للانضمام إلى “جوجل”، ضمن صفقة ترخيص بلغت 2.7 مليار دولار.

وكانت تلك اللحظة بداية تحول جذري في الشركة التي كانت حتى وقت قريب من أبرز اللاعبين في مجال المحادثات القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وبحسب “بلومبرج”، أعاد غياب القيادة المؤسسة أعاد رسم الأولويات، وطرح تساؤلات حول طبيعة الصفقات التي تعرف حالياً بـ”الاستحواذ العكسي على الكفاءات” – نمط جديد لا يتضمن استحواذًا كاملًا على الشركة، بل يستهدف نقل أبرز كفاءاتها إلى شركات كبرى مقابل ترخيص تقني.

ولا يقلل هذا النموذج من تعقيدات البيئة التنظيمية فحسب، بل يسمح لعمالقة التكنولوجيا مثل “جوجل” و”أمازون” و”مايكروسوفت” بضم أفضل المواهب دون المرور بإجراءات الدمج التقليدية.

وفي المقابل، تواجه الشركات الناشئة حالة من عدم الاستقرار الإداري والمستقبلي، حيث تُترك الفرق المتبقية بدون قيادة واضحة أو خارطة طريق دقيقة.

“مستقبل غير مضمون”
“كراكتر إيه آي” لم تكن الحالة الوحيدة، فعدة شركات ناشئة في الذكاء الاصطناعي واجهت مصيرًا مشابهًا، من بينها “إنفلكشن إيه آي”، التي شهدت في مارس 2024 انتقال معظم موظفيها إلى “مايكروسوفت”، بما في ذلك الرئيس التنفيذي مصطفى سليمان، ضمن صفقة ترخيص قيمتها 620 مليون دولار.

ورغم أن الشركة جمعت قبل ذلك بعام فقط تمويلًا تجاوز 1.3 مليار دولار، فقد رأت أن مواصلة الطريق كمؤسسة مستقلة لم يعد ممكنًا في ظل الحاجة المستمرة إلى التمويل والتنافس الحاد.

وتولت القيادة لاحقًا شون وايت المدير التنفيذي السابق في “موزيلا”، الذي أعاد تنظيم الشركة من مقر شبه فارغ في بالو ألتو، وركز جهودها نحو السوق المؤسسية بدلًا من المستهلكين الأفراد.

وخاضت “سكيل إيه آي”، تجربة مشابهة التي واجهت إعادة هيكلة بعد استحواذ “ميتا” على مؤسسها ألكسندر وانغ عبر صفقة استثمارية قيمتها 14.3 مليار دولار، وخسرت الشركة عقودًا مع “جوجل” و”أوبن إيه آي” بعد ذلك، وسرّحت 14% من طاقمها.

خسائر للمستثمرين والموظفين
ورغم أن بعض الصفقات حققت عوائد جيدة، مثل صفقة “سكيل”، التي قد تمنح مستثمريها الأوائل مثل “أكسيل” مكاسب تقدر بـ2.5 مليار دولار، فإن العديد من الشركات الأخرى لم تكن محظوظة.

وعلى سبيل المثال “أديبت إيه آي لابز”، لم تطلق أي منتج قبل أن تغادر قيادتها إلى “أمازون”، بينما واجهت “كوفاريانت” صعوبات في تسيير أعمالها بعد فقدان ربع موظفيها في صفقة مشابهة.

وجاءت صفقة “ويندسيرف” مع “جوجل”، بقيمة 2.4 مليار دولار، بمثابة تسوية بعد تعثر اتفاقية بيع سابقة لـ”أوبن إيه آي”، لكن تبعاتها كانت ثقيلة على العاملين المتبقين، حتى تدخلت شركة “كوغنيشن” لشراء أصول “ويندسيرف” في صفقة تقدر بمئات الملايين.

واقع جديد لمواهب التقنية
وتعيد هذه التحولات طرح تساؤلات حول مستقبل الشركات الناشئة في بيئة تتزايد فيها الصعوبات التنظيمية وتُحتكر فيها الكفاءات من قبل شركات عملاقة.

وحذّرت المحللة سانيا أوجها من “باين كابيتال فنتشرز” من أن هذا الاتجاه قد يؤثر سلباً على قدرة الشركات الناشئة في استقطاب المواهب منذ البداية، قائلة إن الأفضلية بدأت تميل بوضوح للعمل مباشرة مع “أوبن إيه آي” أو “أنثروبيك”.

وفي الوقت نفسه، يرى مستثمرون مثل مايك فولبي أن هذه الصفقات، رغم كونها غير متوازنة أحيانًا، تظل خيارًا أفضل من الغياب التام للفرص، خصوصًا في مناخ تنظيمي أكثر صرامة تجاه عمليات الدمج والاستحواذ الكبرى.

تحول في الأولويات والاستراتيجيات
والعديد من الشركات المتأثرة بهذه الظاهرة تعمل حالياً على إعادة هيكلة نموذج أعمالها؛ فـ”كراكتر إيه آي” مثلًا أوقفت تطوير نماذج لغوية خاصة بها وركزت على تطوير شخصيات قائمة على الذكاء الاصطناعي، في محاولة لتقليل التكاليف والتركيز على الميزات التنافسية، كما قدمت حوافز نقدية تعادل قيمة الأسهم غير المستحقة للموظفين، في محاولة للاحتفاظ بالخبرات المتبقية.

وفي يونيو، تم تعيين كارندييب أناند، المسؤول التنفيذي السابق في “ميتا”، رئيسًا تنفيذيًا دائمًا للشركة، بينما بقي دومينيك بيريلا مستشارًا عامًا، مع التخطيط لجولة تمويل جديدة.

اترك تعليقا