
أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة ستوني بروك بالتعاون مع كلية القانون بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تقليد الأسلوب الأدبي لكُتّاب عالميين اعتمادًا على بيانات تدريب محدودة لا تتجاوز كتابين من مؤلفاتهم.
وأشارت النتائج إلى أن هذه النماذج، مثل GPT-4o وClaude 3.5 Sonnet وGemini 1.5 Pro، استطاعت إنتاج نصوص قريبة جدًا من أساليب كتاب معروفين بينهم هان كانغ وسلمان رشدي وهاروكي موراكامي وغابرييل غارسيا ماركيز.
الدراسة التي نُشرت مؤخرًا أوضحت أن النصوص الناتجة بعد تخصيص النماذج (Fine-tuning) كانت أكثر إقناعًا من النصوص التي تم توليدها بالتوجيه النصي التقليدي، وأن المقيمين الذين شملهم الاختبار—وعددهم 159 شخصًا من خبراء وجمهور عام—فضّلوا النصوص المنتجة بالذكاء الاصطناعي بمعدل أعلى بثماني مرات من نظيراتها البشرية من حيث الأسلوب، وبمرتين من حيث جودة الكتابة.
كما بيّنت التجارب أن أنظمة كشف الذكاء الاصطناعي التقليدية أخفقت في تمييز النصوص المولّدة آليًا، إذ صنفت فقط 3% منها على أنها صادرة عن آلة. ولم يكن لحجم بيانات التدريب أثر يذكر، حيث تمكنت النماذج من تقليد مؤلفين محدودي الإنتاج بالدقة نفسها التي قلدت بها كتّابًا غزيري الإنتاج.
وخلصت الدراسة إلى أن التخصيص الدقيق قد يجعل الذكاء الاصطناعي منافسًا فعليًا للكتّاب، ما يفرض مراجعة الأطر القانونية المرتبطة بالملكية الفكرية.
وتثير هذه النتائج تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مفهوم الإبداع والملكية في العصر الرقمي. فإذا كانت الخوارزمية قادرة على إنتاج نصوص تحاكي الأسلوب الإنساني بدقة، فإلى من تعود حقوق النص الجديد؟ إلى مطور النظام أم إلى مؤلفي النصوص التي استخدمت في تدريبه؟
كما تعيد الدراسة طرح سؤال الأصالة الأدبية في ظل تلاشي الحدود بين الإبداع البشري والإنتاج الآلي.
ويرى باحثون أن الذكاء الاصطناعي لن يتمكن من استنساخ التجربة الشعورية أو الخلفية الثقافية للمؤلفين، لكنه قد يقدم شكلًا جديدًا من التعاون بين الإنسان والآلة، يسمح بإعادة صياغة الإرث الأدبي في سياقات حديثة، ويفتح بابًا لتجارب فكرية وأدبية جديدة تتجاوز التقليد إلى الابتكار.




