
تشهد سوق رقائق الذكاء الاصطناعي العالمية تحولات متسارعة، وسط تصاعد التنافس التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين.
ووافق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخرًا على استئناف تصدير رقائق متطورة إلى بكين، وفق شروط مالية وتقنية محددة، في وقت تحذر فيه السلطات الصينية شركاتها من استخدام أشباه الموصلات الأمريكية لدواعٍ أمنية.
ووفق القرار الأمريكي، سُمح بتصدير رقائق Nvidia H20 وAMD MI308 إلى الصين، مقابل دفع 15% من الإيرادات للحكومة الأمريكية، مع طرح خيار تسليم نسخة مبسطة من شريحة “بلاكويل” بقدرات مخفضة بنسبة تتراوح بين 30% و50%.
وأثارت هذه الخطوة جدلًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية الأمريكية، بين من يعتبرها فرصة لتعزيز أرباح الشركات الأمريكية، ومن يرى أنها تمثل مخاطرة تمنح الصين أدوات تكنولوجية تقلص تفوق واشنطن.
وفي المقابل، صعّدت بكين من إجراءاتها الأمنية، وحثت الشركات المحلية على تجنب استخدام معالجات H20 في القطاعات الحكومية.
وكشفت تقارير صحفية، بينها ما نشرته “بلومبرج”، عن إرسال السلطات الصينية إشعارات إلى شركات محلية للحد من الاعتماد على أشباه الموصلات الأمريكية، حتى تلك التي تُعد أقل تقدمًا تقنيًا.
وتتميز رقاقة H20 من “إنفيديا”، بقدرات ملائمة لمرحلة الاستدلال في تطوير الذكاء الاصطناعي، ما جعلها خيارًا مفضلًا لدى شركات مثل “علي بابا” و”تينسنت”.
ورغم أنها أقل قوة من الشرائح الرائدة H100 وH200، فإن سعة ذاكرتها الكبيرة وعرض نطاقها المرتفع يمنحانها ميزة في تشغيل نماذج اللغة الكبيرة وخدمات الحوسبة السحابية.
أما شريحة MI308 من “إيه إم دي”، فتعتمد على معمارية CDNA المعدلة لتتوافق مع القيود الأمريكية، وتدعم ذاكرة HBM3 عالية النطاق، ما يجعلها خيارًا عمليًا لأعباء العمل المتوسطة والكبيرة، مع مرونة عالية في دمجها في بيئات الحوسبة السحابية عبر منصة ROCm مفتوحة المصدر.
وعلى الجانب الآخر، تعزز “هواوي” الصينية موقعها في سوق الرقائق المحلية من خلال سلسلة Ascend، ولاسيما الطرازات C910، و910D، المدعومة بمنصة CloudMatrix.
وقد حققت هذه الرقائق انتشارًا متزايدًا، خاصة بعد تشغيل نموذج DeepSeek R1 عليها، ما ساهم في تقليص الفجوة التقنية مع “إنفيديا”.
وخلال الربعين الماضيين، سجلت “هواوي” نموًا ملحوظًا في شحنات 910C، مدعومة بطلبات من شركات الإنترنت الكبرى وشركات الاتصالات.
وأعادت التطورات الأخيرة تشكيل بيئة المنافسة في الصين؛ إذ أن عودة رقائق H20، وMI308، إلى الأسواق المحلية ترافقها كلفة إضافية بنسبة 15%، فيما باتت البدائل المحلية توفر قدرات كافية للاستدلال واسع النطاق والتدريب الجزئي، مع مزايا سرعة التوريد والدعم الفني المحلي.
ووفق “فايننشال تايمز”، تراجعت هيمنة “إنفيديا” في الصين بشكل ملحوظ خلال أربع سنوات، مع صعود “هواوي” كلاعب رئيسي.
وتتجه الشركات الصينية إلى اعتماد استراتيجية هجينة، توزع المهام بين منصات Ascend للأعمال واسعة النطاق، ورقائق H20 وMI308، للوظائف التي تستفيد من بيئات CUDA وROCm، في ظل ضغوط أسعار متزايدة نتيجة تكاليف الامتثال والاقتطاعات المفروضة على المنتجات الأمريكية.