المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

وادي السيليكون يراهن على الذكاء الاصطناعي لتحويل شركات الخدمات إلى آلات أرباح

تراهن شركات رأس المال المغامر في وادي السيليكون على الذكاء الاصطناعي كأداة لتحقيق هوامش أرباح شبيهة بتلك التي تتمتع بها شركات البرمجيات، في محاولة لإعادة رسم خريطة الاستثمار في قطاعات الخدمات التقليدية.

وتقوم هذه الاستراتيجية على الاستحواذ على شركات خدمات مهنية ناضجة، ثم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة جزء كبير من عملياتها، مما يعزز التدفق النقدي ويمكّن المستثمرين من شراء شركات إضافية في استراتيجية توسعية متسارعة.

وفي مقدمة هذا التوجه تأتي شركة الاستثمار “جنرال كاتاليست General Catalyst”، التي خصصت 1.5 مليار دولار من أحدث صندوق لها لاتباع ما تسميه “استراتيجية الإنشاء”.

وتقوم استراتيجية الإنشاء على بناء شركات برمجية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في قطاعات محددة، ثم استخدام هذه الشركات كمنصات استحواذ لشراء شركات قائمة في القطاعات نفسها مع قواعد عملائها.

ووضعت الشركة رهاناتها في 7 قطاعات تشمل: الخدمات القانونية، وإدارة تكنولوجيا المعلومات، مع خطط للتوسع إلى نحو 20 قطاعًا مستقبلًا.

ويقول مارك بهارجافا، الذي يقود جهود الشركة في هذا المجال، لموقع “تك كرانش”، إن سوق الخدمات حول العالم يحقق إيرادات سنوية تقارب 16 تريليون دولار، مقارنة بتريليون دولار فقط لصناعة البرمجيات.

ويضيف أن جاذبية الاستثمار في البرمجيات تكمن في قدرتها على تحقيق هوامش أرباح مرتفعة مع نموها، إذ تنخفض التكاليف الحدّية في حين ترتفع الإيرادات الحدّية.

ويرى بهارغافا أنه إذا أمكن أتمتة ما بين 30% و50% من أعمال شركات الخدمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو حتى 70% في بعض المجالات مثل مراكز الاتصال، فإن المعادلة تصبح مغرية للغاية للمستثمرين.

وحتى الآن، تبدو الخطة ناجحة؛ فقد موّلت “جنرال كاتاليست” شركة “تايتان إم إس بي” بمبلغ 74 مليون دولار على مرحلتين لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي لمزودي الخدمات المُدارة، ثم ساعدتها على الاستحواذ على شركة RFA المتخصصة في خدمات تكنولوجيا المعلومات.

وأظهرت برامج تجريبية أن “تايتان” استطاعت أتمتة 38% من مهام الشركات التقليدية في هذا المجال، وتعتزم استخدام الهوامش المحسّنة للاستحواذ على شركات إضافية ضمن استراتيجية توسعية متسلسلة.

وتبنت الشركة نهجًا مشابهًا في قطاع الخدمات القانونية عبر تأسيس شركة “إوديا” التي تستهدف أقسام الشؤون القانونية داخل الشركات الكبرى بدلًا من مكاتب المحاماة.

وتقدم “إوديا” خدمات قانونية برسوم ثابتة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وقد نجحت في التعاقد مع شركات عملاقة مثل “شيفرون” و”ساوث ويست إيرلاينز” و”سترايب”، كما استحوذت مؤخرًا على شركة “جونسون هانا” المتخصصة في الخدمات القانونية البديلة لتوسيع حضورها.

ووفقًا لبهارجافا، تسعى الشركة إلى مضاعفة هوامش الأرباح التشغيلية EBITDA في الشركات التي تستحوذ عليها على الأقل.

ولم تكن “جنرال كاتاليست” وحدها في هذا المسار؛ إذ خصصت شركة «مايفيلد» 100 مليون دولار لاستثمارات في شركات تُعرف بـ”زملاء العمل المعتمدين على الذكاء الاصطناعي”.

ومن بين هذه الشركات “جروف” المتخصصة في استشارات تكنولوجيا المعلومات، والتي استحوذت على شركة أمن إلكتروني بقيمة 5 ملايين دولار، ثم نجحت في رفع إيراداتها إلى 15 مليون دولار خلال ستة أشهر فقط، مع تحقيق هامش ربح إجمالي بلغ 80%.

ويقول نافين تشادا المدير العام لمايفيلد، إنه إذا كان الذكاء الاصطناعي سينجز 80% من المهام، فيمكن للشركات تحقيق هوامش إجمالية تتراوح بين 80% و90% وهوامش صافية تتراوح بين 20% و30%.

لكن دراسات حديثة تشير إلى أن هذه الاستراتيجية قد تواجه تحديات غير متوقعة؛ فقد أظهرت دراسة أجراها “مختبر ستانفورد للإعلام الاجتماعي” و”BetterUp Labs” على 1150 موظفًا أن 40% منهم أصبحوا يواجهون عبئًا إضافيًا بسبب ما وصفته الدراسة بـ”workslop”، أي المهام الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التي تبدو منسقة لكنها تفتقر إلى الجودة، مما يضطر الموظفين إلى إضاعة الوقت في تفسيرها أو تصحيحها.

ووفقًا للتقديرات، فإن هذه الظاهرة تكلف الشركات ما يعادل 186 دولارًا شهريًا لكل موظف، أي أكثر من 9 ملايين دولار سنويًا لشركة تضم 10 آلاف موظف.

ويرى بهارجافا أن هذه التحديات لا تنفي جدوى الاستراتيجية، بل تؤكد صعوبتها وتعقيدها، مشيرًا إلى أن نجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي يتطلب خبرات تقنية متقدمة غير متوفرة بسهولة في معظم الشركات، مضيفًا: “ويقول إن الجمع بين مهندسي ذكاء اصطناعي متمرسين وخبراء القطاعات المستهدفة هو ما يجعل نهج شركته مختلفاً وأكثر فاعلية”.

ورغم هذه التحديات، لا يبدو أن هذه التحذيرات ستُبطئ من اندفاع المستثمرين في وادي السيليكون، خصوصًا أن الشركات المستهدفة عادة ما تكون ذات تدفقات نقدية قائمة، ما يجعل الشركات المنشأة ضمن هذه الاستراتيجية مربحة منذ البداية، في خروج واضح عن نهج شركات رأس المال المغامر التقليدي التي كانت تميل إلى تمويل شركات ناشئة عالية النمو والخسائر.

ويقول بهارجافا إنه طالما استمرت تقنيات الذكاء الاصطناعي في التطور وتحسين قدراتها، فإن عدد القطاعات القابلة للاستفادة من هذه الاستراتيجية سيزداد بمرور الوقت، مؤكدًا أن هذه مجرد بداية لتحول واسع في طريقة الاستثمار في شركات الخدمات التقليدية.

اترك تعليقا