المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

واشنطن تحصل على 10% من “إنتل” بصفقة غير مسبوقة

أبرمت إدارة الرئيس دونالد ترامب اتفاقًا يمنح واشنطن ما يقارب 10% من أسهم شركة “إنتل” العملاقة لصناعة الرقائق، مقابل تمويل يقترب من 9 مليارات دولار.

ووفقًا لمصادر مطلعة، حصلت الحكومة الأمريكية بموجب الاتفاق على 433.3 مليون سهم عادي من “إنتل”، تمثل 9.9% من إجمالي الأسهم العادية المخففة، وذلك ضمن تمويل مخصص من “قانون الرقائق والعلوم”.

ومع أن الأسهم الممنوحة خالية من حقوق التصويت ولا تتيح للحكومة مقعدًا في مجلس الإدارة، فإن الخطوة تمثل تحولًا جذريًا في تعامل الدولة مع الشركات الكبرى، لاسيما في الصناعات التكنولوجية الحساسة.

وكان الرئيس التنفيذي لـ”إنتل”، ليب-بو تان، قد اجتمع مع ترامب في البيت الأبيض لتوقيع الاتفاق، في وقت وصفت فيه مصادر مطلعة الصفقة بأنها “تجسد بوضوح الرؤية الجديدة للرئيس حول كيفية توظيف أموال الدعم الحكومي”.

استثمار مباشر بدل المنح

وقال ترامب للصحفيين قبيل توقيع الاتفاق: “لقد وافقوا على الصفقة، وأعتقد أنها خطوة عظيمة بالنسبة لهم”، مشيرًا إلى أن الشركة كانت “متأخرة” عن منافسيها في السباق التكنولوجي، وأن هذه الصفقة تمثل دفعة قوية لإنعاشها.

ومنذ فترة، أبدى ترامب تشككًا في جدوى “قانون الرقائق” الذي وُقع خلال إدارة سلفه جو بايدن، منتقدًا تخصيص مليارات الدولارات لدعم شركات خاصة دون مقابل ملموس لدافعي الضرائب، ومن هذا المنطلق، جاءت صفقة “إنتل” كمحاولة لإعادة رسم قواعد اللعبة، بحسب بلومبرج.

وأوضح وزير التجارة هاورد لوتنيك أن الإدارة تسعى لرؤية عوائد ملموسة من تمويل الشركات، وليس مجرد تقديم منح مالية غير مشروطة، معتبرًا أن نموذج “إنتل” قد يُطبّق على شركات أخرى، وإن لم يتم الكشف بعد عن أسماء بعينها.

ولم يكن الاتفاق متوقعًا في ظل التوتر السابق بين ترامب والرئيس التنفيذي لـ”إنتل”، حيث دعا الرئيس الأمريكي في وقت سابق إلى إقالة تان، متهمًا إياه بـ”التضارب في المصالح” بسبب خلفيته المهنية المرتبطة بالصين؛ لكن هذه التصريحات تحوّلت إلى نقاش مباشر بين الرجلين، انتهى باتفاق يغير ملامح العلاقة بين القطاع العام والخاص في أمريكا.

وفي تعليق له، قال ترامب إنه طرح فكرة الاستحواذ الحكومي خلال لقائه تان: “قلت له: لماذا لا تمنحون الحكومة 10% من الشركة؟ فأجاب: سأفكر في الأمر. قلت له: أود حقًا أن تفعلوا ذلك”.

رهان محفوف بالمخاطر

مع أن الاتفاق يمنح “إنتل” دفعة مالية ضخمة تبلغ نحو 9 مليارات دولار، إلا أن محللين يرون أن إنقاذ الشركة لا يعتمد على المال فقط؛ فبعد سنوات من التراجع في المبيعات والحصة السوقية، تحتاج الشركة إلى أكثر من تمويل لتعود إلى المنافسة، خاصة أمام عمالقة مثل “تي إس إم سي” و”سامسونج”.

ويرى محللو “وول ستريت” أن دور ترامب لن يقتصر على التمويل، بل سيتحول إلى ما يشبه “رجل المبيعات” الذي يقنع عملاء جدد بالاعتماد على خطوط إنتاج “إنتل”، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا نظرًا لضعف ذراع التصنيع مقارنة بالمنافسين.

وبحسب دان مورجان مدير المحافظ في “سينوفوس ترست”، فإن على ترامب بذل جهد كبير لجذب الزبائن لصالح “إنتل”: “إنفاق المليارات على التوسّع من دون ضمان وجود عملاء قد يخلق مشكلة كبيرة للمساهمين.. والحكومة الأمريكية ستكون أكبرهم”.

تحوّل في أسلوب الحكم الاقتصادي

الاتفاق يمثل حلقة جديدة في نهج ترامب الاقتصادي الذي يسعى إلى تعظيم النفوذ الحكومي في القطاعات الاستراتيجية. ففي وقت سابق من أغسطس، أعلن عن اتفاق مثير للجدل مع “إنفيديا” و”إيه إم دي”، يقضي بدفع الشركتين للحكومة 15% من عائداتهما من مبيعات رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين.

كما سبق أن حصل ترامب على “السهم الذهبي” في صفقة استحواذ “نيبون ستيل” اليابانية على “يو إس ستيل”، ما يمنحه سلطة اتخاذ قرارات داخل الشركة، في حين أعلن البنتاغون الشهر الماضي عن حيازة حصة بقيمة 400 مليون دولار في شركة المعادن النادرة “إم بي ماتيريالز”.

وتُعد صفقة “إنتل” سابقة في تاريخ الصناعة الأمريكية، وتطرح تساؤلات جوهرية حول حدود تدخل الدولة في الاقتصاد؛ وإذا نجح الرهان، فقد تعود “إنتل” إلى موقعها الريادي، وتصبح نموذجًا جديدًا للتكامل بين الدولة وقطاع التكنولوجيا؛ أما إذا فشلت، فقد يتحمل دافعو الضرائب فاتورة باهظة.

اترك تعليقا