إعلان إي فينانس
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024

نيرة عيد تكتب.. «امسح رقمي وإلغي رحلتي وهات السندوتش دة»

في أيام المدارس، استيقظ مبكرًا عن الأيام التقليدية، أغالب النوم لأعد لإبنتي شطائر (سندوتشات) المدرسة، وحيث أن اليوم مشرق ولطيف وبعد أن أغلقت علبة الطعام (اللانش بوكس)، تذكرت أن اليوم هو الإثنين وأني قد أرسلت سؤالًا عبر المنصة الرقمية الجديدة لـ”شركة فودافون” أنتظر إجابته.

هرعت وفي يدي شطيرة “تركي” أطالع بريدي الإلكتروني لأحصل على الإجابات اللازمة لبناء قصتي الصحفية، حيث أنني والله كنت أعمل قبلها بساعات على قصة، ولما أعلنت الشركة عن هذه المنصة المبتكرة قررت تجربتها كي أكون أمينة.

لم تكن الحافلة المدرسية قد وصلت بعد، وأدركت أن (سندوتش التركي) لن يبرد، لذلك قررت أن أطالع الموقع بشكل أكثر عمقًا عما فعلت البارحة، وكانوا قد علمونا في صفوف الإعلام أن البداية دائمًا من الحدث، وأن المحرك الأساسي هو “أن يعض الإنسان كلبًا”، كان هذا الدرس الأول، هل تعرف ما هو الدرس الثاني؟، أن تجيب على ستة أسئلة “ماذا، متى، من، أين، لماذا، وكيف”، إذا استطعت الأجابة عن تلك الأسئلة في حدث مميز فقد حصلت على الجائزة الكبرى.

وحيث أن التطبيق جديد من نوعه، وهو وسيلة تواصل جديدة ابتكرتها “فودافون” لم يصل إليها أي فريق إعلامي قط، فقد قضمت بعضًا من الشطيرة وأنا أطالع لائحة المتحدثين وإمكانية التقدم بطلب للحصول على تصريح صحفي، وحيث أنني بطبيعتي أحب الاستكشاف فقد ضغطت من جديد على صفحة المحادثة الفورية التي كنت قد أرسلت عليها سؤالاً لم أتلق إجابته بعد.

هنا فزعت من جرس هاتفي المحمول يدق منذرًا باقتراب الحافلة وأنه عليّ أن أدفع ثمن أخطائي الفضولية وأعد شطيرة جديدة لتلك البنت المسكينة التي أكلت فطارها لتوي.

وبعد أن صححت أخطاء الماضي، ظهرت في رأسي عدة أسئلة، في حقيقة الأمر ظهرت منذ البارحة، وزاد عليها بعض منها اليوم سأسردها قبل أن التهم المزيد من الشطائر وتقف عليّ تلك الجلسة بخسارة سندوتشات وزيادة في الوزن، لماذا أصبح “المصدر” أو المتحدث لا يحب دوره إلى هذا الحد؟، هل تمثل الصحافة عبءً حقيقيًا يجعلني أخصص مئات الآلاف لكي أتجنب الإجابة على ممثليها؟، ما هو العائد على الاستثمار في تلك المنصة؟، وهل تمثل الجماعة الصحفية صداعًا عامًا يجعلني أخصص تلك المنصة بالمجان لمن يحتاج إليها كي تستقبل الأسئلة وتجعل الصحافة “تحل عني”؟.

طالبت المنصة بمزيد من الإبداع، فمن غير الممكن في عصر الذكاء الاصطناعي أن تظل كما أنت أيها “الصحفي”، والسؤال كيف سأظل بنفس مستواي المبدع لو لم أجد تواصلاً بشريًا مع “مصدري”؟.

هل نسيت وضع “اللانش بوكس” في شنطة ابنتي المدرسية؟، هل التهمت كل السندوتشات أم أني لم أضعها من الأساس في اللانش بوكس؟.

أعود للمنصة من جديد

هل تذكر يا عزيزي، تلك الأسئلة الست التي تعلمتها في كلية الإعلام؟ آه نعم، كيف لي أن أجيب عليها إن كنت قد حصلت على معلومة قد سرت خطوات محددة لا يمكن أن أحيد عنها حتى أحصل على الإجابة؟، هل يجنبني ذلك الخطأ؟، هل تعلم أن أية مهنة لتتعلمها جيدًا يجب أن تخطئ وإلا لن تكون مبدعًا أبدًا؟، كيف تطلب مني الإبداع بعد أن وضعت لي الساندوتش في العلبة تطلب مني أن آكله وأصمت؟!.

علمونا كذلك أن أحد أدوار أقسام العلاقات العامة (وهو تخصص محترم في كليات الإعلام المحلية والعالمية) هو مساعدة الشركات في رسم توصيل صور عنها للعالم الخارجي، ما هو دور الإدارات بل والمؤسسات المقدمة لتلك الخدمات حاليًا إذن؟

عزيزي المهتم بالتغيرات التكنولوجية أيًا كنت، لا يمكن للآلة أن تصنع لك “سندوتش” مهما كانت دراستها لذوقك، لا يمكن أن تضفي على ذوقك ما تأكله، وإن أرادت تعليب بعض المنتجات فإنها تسمن ولا تغني من جوع.

والسلام

نيرة عيد المؤسس ورئيس تحرير منصة “تكنولدج”

 

اترك تعليقا