
أكَّد أحد أبرز المتحمسين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، سيباستيان سيمياتكوسكي، الرئيس التنفيذي لشركة “كلارنا” أنّه لا تزال المجتمعات والمؤسسات تتلمس طريقها نحو فهم الآثار الحقيقية لهذه الطفرة التكنولوجية على سوق العمل.
وفي حوار أجراه مع تلفزيون “بلومبرج”، أشار سيمياتكوسكي إلى أن القطاع التكنولوجي يتجنب أحيانًا مواجهة التحديات الأساسية المرتبطة بأتمتة الوظائف، مؤكدًا أن التغير الجذري الذي يلوح في أفق الأعمال المعرفية لن يقتصر على المصارف، بل سيمتد إلى كافة مناحي المجتمع.
وأوضح أن الابتكار التكنولوجي، رغم ما قد يتيحه من فرص جديدة، لا يُقدم حلولًا فورية للعاملين الذين فقدوا وظائفهم بالفعل، مستشهدًا بمثال المترجمين الأوروبيين الذين لن يتحولوا ببساطة إلى مؤثرين رقميين بين ليلة وضحاها.
ورغم رهانات “كلارنا” الكبيرة على الذكاء الاصطناعي، التي بدأت في 2023 عندما أعلنت استعدادها لأن تكون بيئة اختبار مفضلة لشركة “أوبن إيه آي”، فإن الواقع كشف عن بعض المحدوديات.
وقد استطاعت الشركة تقليص عدد موظفيها من 7400 إلى نحو 3000 شخص، وتمكنت من تجميد عمليات التوظيف لأكثر من عام، لكنها وجدت نفسها مضطرة هذا العام إلى إعادة توظيف بعض العاملين في خدمة العملاء، لضمان استمرارية التواصل البشري عند الحاجة.
ومع أن “كلارنا” لا تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات الائتمان، إلا أن سيمياتكوسكي لا يزال يرى فيها أداة فعالة لبناء الثقة، طالما جرى استخدامها في مهام محددة تبرز فيها مزاياها مثل الاتساق والجودة.
من جهة أخرى، تستمر الشركة السويدية في توسيع آفاق خدماتها، بعد حصولها على ترخيص لتقديم الأموال الإلكترونية في المملكة المتحدة، مما يفتح الباب أمام منافسة أوسع مع مؤسسات مالية رقمية كبرى مثل “ريفولوت”.
كما أن إدراج أسهم الشركة في بورصة نيويورك في سبتمبر، عزز من حضورها العالمي، حيث بلغ عدد مستخدمي خدماتها أكثر من 114 مليون عميل.
وبينما يزداد الاعتماد على التكنولوجيا، يحذر سيمياتكوسكي من أن الذكاء الاصطناعي قد يقلب المعادلة الربحية في قطاعات بأكملها، خصوصًا في البنوك وشركات البرمجيات، حيث قد تجد المؤسسات التقليدية نفسها في مواجهة منافسين أكثر مرونة وتطورًا.
وعلى الصعيد الشخصي، لا يخفي المدير التنفيذي شغفه بهذه التقنيات، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي يوميًا، ويخصص وقتًا لما يُعرف بالبرمجة التفاعلية لاستكشاف الشيفرة البرمجية الخاصة بشركته.
ومع ذلك، لا تخلو هذه التجربة من بعض التحديات المنزلية، إذ يمازح قائلًا إن زوجته لا تبدو راضية عن سهراته الطويلة أمام الكمبيوتر بعد نوم أطفالهما.
وأشارت “بلومبرج” إلى أنَّ رسالة سيمياتكوسكي واضحة: التكنولوجيا ليست عدوًا، بل أداة قوية يجب فهمها واستخدامها بحكمة، لكن ذلك لا يعفي المجتمعات من مسؤولية إدارة التحول الجذري الذي تفرضه.