
تشهد صناعة التكنولوجيا اليوم معركة جديدة عنوانها “من يملك نافذة المستخدم إلى الإنترنت؟”، إذ تدخل كلٌّ من OpenAI بمتصفحها أطلس Atlas، وPerplexity بمتصفحها كومِت Comet، في منافسة مباشرة مع عمالقة التصفح التقليديين مثل “جوجل كروم” و”آبل سافاري”.
ولا يعد ذلك مجرد منافسة على السرعة أو الأمان، بل على من سيصبح المساعد الذكي الافتراضي للمستخدم في حياته الرقمية.
ولم تعد المتصفحات مجرد أدوات لعبور الويب، بل تحوّلت إلى منصات مترابطة مع الذكاء الاصطناعي، تستوعب سياق المستخدم وتتعلم منه، فتقترح، وتُنظّم، وتنفّذ المهام بشكل شبه ذاتي.
من يسيطر على المتصفح يسيطر على سلوك المستخدم وبياناته، وهو ما يمثل كنزًا استراتيجيًا لشركات الذكاء الاصطناعي في عصر تنافسي قائم على فهم التفاعل البشري وتحسين النماذج التوليدية بالاعتماد على البيانات المباشرة.
أطلس OpenAI
قدّمت OpenAI متصفحها الجديد ChatGPT Atlas كمنصة توحّد بين التصفح والمحادثة الذكية في تجربة واحدة.
ويستطيع المساعد المدمج تفسير نية المستخدم والقيام بالمهام تلقائيًا من داخل الصفحات، دون الحاجة للانتقال بين التطبيقات أو النسخ واللصق.
ويمتلك أطلس ذاكرة مخصصة تحفظ تفاعلات المستخدم السابقة وتعيد توظيفها لتقديم تجربة أكثر تخصيصًا وفاعلية.
كومِت من Perplexity
أما Comet من Perplexity، الذي أُعلن عنه منتصف عام 2025، فيقدّم تجربة مختلفة تقوم على الدمج الكامل بين التصفح والمحادثة التفاعلية.
ويستطيع المتصفح قراءة البريد الإلكتروني، تلخيص الصفحات، وإدارة الجداول الزمنية—all في واجهة واحدة قائمة على الحوار الذكي.
ويُطرح المتصفح بشكل حصري لمشتركي خطة Max مقابل 200 دولار شهريًا، ما يعكس توجه الشركة نحو استهداف فئة المستخدمين المحترفين والمؤسسات التي تحتاج ذكاءً متقدّمًا لإدارة المهام الرقمية متعددة المصادر.
ولا تعد المعركة الحقيقية فقط في الميزات التقنية، بل في من سيصبح المتصفح الذي يفتح تلقائيًا عند تشغيل الجهاز.
Perplexity تسعى لجعل Comet المتصفح الافتراضي للمستخدم لبناء علاقة يومية اعتيادية معه، بينما تتطلع OpenAI إلى ربط Atlas بالإيكوسستم الأوسع لـChatGPT ليصبح الممر الموحد بين التصفح، والبحث، والتفاعل الذكي في واجهة متكاملة واحدة.
وفي ظل التحوّل الذي تقوده Google نحو تجربة بحث قائمة على الذكاء الاصطناعي Gemini تقل أهمية صفحات النتائج التقليدية، وتُفتح ساحة جديدة حيث يتحول الويب من فضاء للبحث إلى مساحة للتفاعل والمحادثة.
ومن هذا المنطلق، لا تسعى OpenAI وPerplexity فقط لتطوير متصفحات حديثة، بل لإعادة صياغة طريقة الإنسان في استخدام الإنترنت والتعامل مع المعلومات.




