
في ظل تصاعد التوترات التكنولوجية بين أمريكا والصين، شددت شركة OpenAI إجراءاتها الأمنية مؤخرًا بشكل ملحوظ لحماية تقنياتها من محاولات التسلل والاختراق، وسط تقارير تتحدث عن استهدافها من قبل شركات صينية منافسة، وعلى رأسها DeepSeek.
التقرير، الذي نشرته صحيفة فايننشال تايمز، كشف عن أن OpenAI عززت من تدابير الأمن السيبراني والضوابط الداخلية للحد من تسريب المعلومات التقنية الحساسة.
وأوضحت مصادر مطلعة أن OpenAI بدأت باتباع خطوات استباقية منذ عام 2024، إلا أن تلك التدابير أصبحت أكثر شدة عقب ظهور نموذج DeepSeek، الذي يُعتقد أنه استفاد من تقنيات قريبة من أنظمة OpenAI، ربما عبر ما يُعرف بأسلوب “التقطير”، وهي تقنية تقوم على استخلاص جوهر نموذج ذكاء اصطناعي وتوظيفه في تطوير نماذج مماثلة.
ورغم عدم صدور أي توضيحات رسمية من DeepSeek بشأن هذه الاتهامات، أكدت OpenAI أنها عززت من إجراءات انتقاء الموظفين، وقلّصت من عدد الأشخاص الذين يمكنهم الاطلاع على المشاريع ذات الطابع الحساس، ضمن سياسة داخلية جديدة تهدف إلى الحد من احتمالات تسرب البيانات، تعرف باسم “تظليل المعلومات”.
كما قامت الشركة بعزل عدد من أنظمتها التقنية في بيئات مغلقة، بعيدة عن الاتصال بالإنترنت، إضافة إلى اعتمادها على آليات تحقق صارمة تشمل الدخول البيومتري، لتقييد الوصول إلى أقسام معينة داخل مقرها الرئيسي.
أما الأوزان البرمجية، وهي العناصر الأساسية التي تتحكم في أداء النماذج الذكية، فتم إخضاعها لنظام حماية يمنع أي اتصال خارجي إلا بعد مراجعة دقيقة وموافقة رسمية.
ولم تقتصر الإجراءات على الجوانب التقنية فقط، بل شملت أيضًا مراجعة أمنية موسعة للبنية التحتية الفيزيائية ومراكز البيانات، بالتوازي مع فحص دقيق لخلفيات الموظفين الحاليين والجدد.
وتماشياً مع هذا التوجه، ضمت OpenAI إلى فريقها الأمني خبرات بارزة من مؤسسات سيادية، فقد عينت في أكتوبر الماضي مسؤول الأمن المعلوماتي السابق في Palantir، دين ستاكي، لتولي قيادة هذا الملف، إلى جانب مات نايت، الذي يشرف على تطوير أدوات الحماية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما التحق بالمجلس الإداري للشركة الجنرال الأمريكي المتقاعد بول ناكاسوني، القائد الأسبق للقيادة السيبرانية الأمريكية، لدعم استراتيجية الدفاع الرقمي داخل الشركة.
وتؤكد OpenAI أن ما تنفذه من إجراءات لا يرتبط بحادثة اختراق محددة، بل يأتي في إطار خطة استراتيجية موسعة تهدف إلى رفع معايير الأمان في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا.
وتأتي هذه الخطوات في وقت تفرض فيه واشنطن قيودًا متزايدة على تصدير التقنيات المتقدمة إلى بكين، في سياق تنافس دولي بات يُوصف بأنه مواجهة رقمية مفتوحة بين القوى الكبرى.