
في عام 2025، الذي يشهد سلسلة من افتتاحات المتاحف الكبرى حول العالم، يتصدر المتحف المصري الكبير المشهد كأبرز مشروع ثقافي وحضاري بفضل رؤيته الشاملة التي تمزج بين الفن والتراث والتعليم والحضارة المصرية القديمة، في وقت تتجه فيه معظم المتاحف العالمية نحو التخصص الفني البحت.
تنشيط السياحة
ويظل المتحف المصري الكبير مشروعًا متفرّدًا يجسد هوية مصر الحضارية للعالم بأسره، والذي من المتوقّع تحقيق عوائد اقتصادية وسياحية متنامية مع استهداف نحو 8 ملايين زائر سنويًا، خاصة بعد أن استقبل أكثر من 800 ألف زائر خلال فترة الافتتاح التجريبي بين يناير وديسمبر 2023.
كما استضاف عددًا من الفعاليات الثقافية والفنية، ما عزّز مكانته كمحور رئيسي في تنشيط السياحة ودعم الاقتصاد الوطني وفق معايير التنمية المستدامة، من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتطوير البنية التحتية للمنطقة المحيطة.
وقد تم بالفعل تدشين مطار سفنكس الدولي بالقرب من المتحف، إلى جانب توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الإسكان لطرح المنطقة المحيطة للاستثمار السياحي عبر مشروعات فندقية وترفيهية ومطاعم تلبي الطلب المتزايد.
بوابة رقمية
ويمثل الموقع الإلكتروني للمتحف بوابته الرقمية إلى العالم، حيث أُطلق كبوابة تفاعلية شاملة تعرّف الزائرين برؤية المتحف وتاريخه ومجلس أمنائه وشركائه، وتعرض تفاصيل المعارض والفعاليات والخدمات المقدمة.
كما ارتبط الموقع بمنصات التواصل الاجتماعي الرسمية للمتحف، التي تابعت فعاليات معرض توت عنخ آمون التفاعلي بالتعاون مع مؤسسة مدريد آرتيس ديجيتاليس الإسبانية، في حين نشر الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار فيديوهات تفاعلية توثق عملية نقل مركب خوفو ومعارض الصور من داخل المتاحف المصرية.
كما يقدّم موقع وكالة الجايكا اليابانية توثيقًا لتاريخ بناء المتحف وشراكته مع الحكومة المصرية في هذا المشروع العملاق.
تجربة فريدة
أمّا من حيث العرض المتحفي، فيتميز المتحف المصري الكبير بتصميم معماري مدهش يبدأ بالدرج العظيم الممتد لمسافة 64 مترًا، والمزين بـ72 تمثالًا أثريًا من عصور مختلفة حتى العصر اليوناني الروماني، ليقود الزائر إلى مشهد بانورامي رائع يطل على أهرامات الجيزة.
ويضم المتحف مقتنيات الملك توت عنخ آمون ومعرضًا تفاعليًا يروي قصة اكتشاف مقبرته قبل أكثر من قرن، مستخدمًا تقنيات عرض بصرية متقدمة بزاوية 360 درجة مصحوبة بالموسيقى التصويرية، ما يجعل التجربة غامرة ومؤثرة.
تقنيات الواقع الافتراضي
كما يوظف المتحف أحدث تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المختلط Mixed Reality لعرض قصة بناء الأهرامات بطريقة تفاعلية، على غرار تجربة اللوفر التي قدمت معرض “Mona Lisa: Beyond the Glass بتقنية الواقع الافتراضي لاستكشاف لوحات عصر النهضة.
ويتيح المتحف أيضًا شاشات تفاعلية لالتقاط الصور التذكارية مع المعروضات، بما يضفي على الزيارة طابعًا عصريًا ممتعًا.
ولم تقتصر تفرّد المتحف على العرض فحسب، بل امتد إلى مجالات الاستدامة البيئية؛ إذ حصل على شهادة EDGE Advance الدولية للمباني الخضراء من مؤسسة التمويل الدولية، كأول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط يحقق هذا الإنجاز.
وقد حقق المتحف نسب أداء استثنائية في كفاءة الموارد، منها تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة 62%، والمياه بنسبة 34%، والانبعاثات الكربونية بنسبة 59%.
كما حصد المتحف 8 شهادات ISO في مجالات الطاقة، والصحة والسلامة المهنية، والبيئة، والجودة، إلى جانب جائزة أفضل مشروع في البناء الأخضر والشهادة الذهبية للبناء المستدام وفق نظام الهرم الأخضر المصري.
خالد شريف: المتحف المصري الكبير يعيد تعريف التجربة المتحفية
ويقول المهندس خالد شريف مساعد وزير السياحة الأسبق للتحول الرقمي إنَّ “التكنولوجيا تُعد أحد الأعمدة الأساسية التي يقوم عليها المتحف، سواء كمؤسسة عرض متحفي أو تعليمية أو بحثية، وكانت من أوائل مجالات الاستثمار في المشروع”.
وأضاف في تصريحات لمنصة “تكنولدج”: “منذ البداية تم اعتماد أحدث الأنظمة في مجال التذاكر الإلكترونية وبوابات الدخول وأنظمة التحكم في الوصول Access Control، وهي نفس المنظومات الحديثة التي جرى تطبيقها في جميع المواقع الأثرية والمتاحف خلال الفترة من 2021 إلى 2024”.
وأشار إلى أنَّه “قد اكتمل تطوير الموقع الإلكتروني للمتحف في مارس أو أبريل 2024، وكان ينتظر فقط تحديد موعد الافتتاح الرسمي ليتم إطلاقه، وقد استُخدمت فيه أحدث التقنيات الخاصة بتطوير المواقع الإلكترونية وربطها بقواعد البيانات، إلى جانب تطبيق أنظمة إدارة علاقات الزوار CRM المتكاملة مع نظام التذاكر الإلكتروني للمتحف”.
تكنولوجيا تأمين المتحف
وأمَّا فيما يخص تكنولوجيا تأمين المتحف، فقال: “جرى تنفيذ منظومة متكاملة تشمل أنظمة المراقبة بالكاميرات وأنظمة متابعة الأمن، ولا تقتصر على تأمين الأفراد فقط، بل تشمل أيضًا ضمان استمرارية العمل وتشغيل أنظمة التكييف والإضاءة، التي تعتمد على أحدث التقنيات المستخدمة في الإضاءة المتحفية والتحكم في بيئة العرض”.
وكشف أنَّ “متحف الطفل تم فيه إدخال تقنيات تعليمية حديثة مثل الواقع المعزز AR والواقع الافتراضي VR لإثراء تجربة الزائرين الصغار وجعلها أكثر تفاعلية وتشويقًا”.
وشدد على أنّه “تم تجهيز فترينات العرض المتحفي بأحدث التكنولوجيات التي تتيح ضبط درجات الحرارة والرطوبة داخلها بشكل دقيق، حيث تُرسل القياسات إلى نظام مركزي يتابع التغيرات البيئية باستمرار ويقوم بضبطها تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل بشري”.
الحجز الإلكتروني
وختم تصريحاته لـ”تكنولدج”: “تتم آلية الحجز الإلكتروني عبر الموقع الرسمي للمتحف أو بوابة آثار مصر، حيث يختار الزائر موقع المتحف ويستعرض أهم المعروضات وصور المبنى، ثم يُحدد عدد التذاكر وفقًا للتعريفة المناسبة ويختار يوم الزيارة، وبعد إتمام عملية الدفع باستخدام البطاقة البنكية، يحصل الزائر على تذاكر رقمية تحتوي على رمز QR، ليتم مسحها عبر بوابات إلكترونية ذكية عند الدخول إلى المتحف”.

			

						
