المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
المصرية للاتصالات Cairo ICT 2024
إعلان إي فينانس

من قيادة السيارات إلى قيادة الروبوتات.. “تسلا” تبحث عن مستقبل جديد

في وقت تتعثر فيه مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا وتزداد الضغوط التنافسية، يبدو أن إيلون ماسك يسعى إلى إعادة تعريف شركة “تسلا”؛ فبعد أن ارتبط اسمها بثورة النقل المستدام، تتجه بوصلة الشركة اليوم نحو عالم الروبوتات الذكية، في محاولة للخروج من دوامة ركود الإيرادات وتذبذب السوق.

وقال ماسك، الذي اعتاد إشعال الأسواق بتصريحاته حسبما نقلت عنه “بلومبرج”، إن مشروع “أوبتيموس” – الروبوت البشري الذي تطوره تسلا – قد يُشكل مستقبلًا نحو 80% من قيمة الشركة.

كما يرى ماسك أنَّ “تسلا” لم تعُد مجرد شركة سيارات، بل مشروع طويل الأمد لصياغة شكل الحياة الذكية على الأرض.

ورغم أن هذه الرؤية الطموحة قد تبدو مثيرة، إلا أن المؤشرات المالية لا تُجامل “تسلا”؛ فمن المتوقع أن تتراجع أرباح الشركة في 2025 بنحو 30%، فيما يواجه قطاع سيارات الأجرة ذاتية القيادة تحديات تشغيلية وتشريعية قد تُؤجل جني الأرباح لسنوات.

في الوقت نفسه، تستمر أسهم “تسلا” بالتداول عند تقييمات فلكية، إذ تصل مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى 155 ضعفًا، متجاوزة بذلك جميع الشركات الكبرى في السوق، بما فيها عمالقة التقنية مثل “آبل” و”مايكروسوفت” و”إنفيديا”، ووحدها شركة “بالانتير” تنافسها من حيث المضاعفات السعرية العالية.

لكن التناقض الصارخ بين ارتفاع قيمة السهم وركود أداء الشركة الفعلي يثير تساؤلات بين المستثمرين، الذين يواجهون صعوبة متزايدة في تبرير هذه الأرقام دون قصة نمو جديدة ومقنعة.

وتحوّل ماسك من الترويج للسيارات الكهربائية إلى التبشير بثورة الروبوتات جاء بعد فترة من الاضطرابات؛ ففي أبريل 2024، غيّر توجهه فجأة معلنًا أن القيادة الذاتية ستصبح الأولوية القصوى لـ”تسلا”.

لكن المشروع لم ينطلق كما كان مأمولًا، إذ واجهت الخدمة الجديدة لسيارات الأجرة ذاتية القيادة في أوستن صعوبات تشغيلية، بينما لا تزال جهود التوسع في ولايات مثل كاليفورنيا ونيفادا في مراحلها الأولية.

وبالتوازي، فترت العلاقة التي جمعت ماسك بالرئيس دونالد ترامب، التي كانت قد أثارت آمالًا بقرب سياسي من شأنه تسهيل أعمال “تسلا” في مجال القيادة الذاتية؛ ومع تراجع هذا النفوذ السياسي، عادت التساؤلات حول قدرة الشركة على تجاوز العراقيل التقنية والتنظيمية.

وفقدت أسهم “تسلا” نحو 25% من قيمتها منذ ذروتها في ديسمبر، ولا تزال تتداول في نطاق محدود منذ منتصف مايو، مسجلة تراجعًا يتجاوز 10% منذ بداية العام.

ومع تصاعد الحديث عن فرض رسوم جمركية جديدة على السيارات الكهربائية، تتزايد الضغوط التي تهدد النمو العالمي للشركة.

وبينما تسعى تسلا للحفاظ على مكانتها في سوق بات أكثر تنافسية، تتعرض أيضًا لانتقادات تتعلق بالجوانب الأمنية والتصميمية في مركباتها؛ إذ أُثيرت مخاوف حول صعوبة فتح الأبواب في حالات الطوارئ، وهي نقطة قد تؤثر على سمعة الشركة في ظل تدقيق متزايد.

ويرى العديد من المحللين أن أسهم “تسلا” لا تُقيّم بناءً على أرقامها الفعلية، بل على شخصية ماسك نفسه؛ إذ يعتبر البعض أن امتلاك سهم “تسلا” هو أقرب إلى المراهنة على عقلية ماسك ورؤيته المستقبلية، وليس على ميزانية الشركة.

وبحسب ديمتري شليابنيكوف المحلل في “هورايزن إنفستمنت”، فإن ماسك بحاجة ماسة إلى “قصة نمو جديدة” تقنع الأسواق، ويبدو أن مشروع “أوبتيموس” هو تلك الورقة التي يضعها الآن على الطاولة.

لكن بينما يحاول ماسك بيع فكرة أن الروبوتات البشرية قد تكون المحرك المستقبلي لقيمة “تسلا”، تبقى الحقيقة أن السوق لم يطور بعد منهجية واضحة لتقييم هذا النوع من الابتكار؛ فلا بيانات كافية عن حجم السوق أو طبيعة الطلب أو حتى النماذج التجارية المستقرة.

وبحسب “بلومبرج”؛ فيبقى أن نرى ما إذا كان مشروع “أوبتيموس” سينجح في إقناع المستثمرين بأنه ليس مجرد حلم آخر من أحلام ماسك الطموحة؛ فالثقة بشخصه كانت كافية لقيادة الشركة إلى تريليون دولار في السابق، لكن المرحلة المقبلة تتطلب أكثر من رؤية؛ إنها تحتاج إلى نتائج.

اترك تعليقا