التغير في مشهد صناعة أشباه الموصلات.. هل تمتلك مصر فرصة لمنافسة القوى العظمى؟

العالم يشهد تغير كبير في الصراع على الاستحواذ على مشهد تصنيع أشباه الموصلات، تلك الوحدات التي تعد جزءًا أساسيًا في تصنيع الكثير من الإلكترونيات والمنتجات التكنولوجية بل وتمتد للصناعات الثقيلة والمعدات الصناعية، ومع تلك التغيرات، تسعى القوى المختلفة للاستحواذ على النسبة الأكبر من الصناعة، ومع هذه التطورات تمتلك مصر فرصة قد يساهم الالتفات إليها تغيرًا استراتيجيًا في تأثير الدولة محليًا على مشهد صناعة التكنولوجيا على مستوى العالم.

 

طموح مصري

قال الوزير المفوض السابق بوزارة الخارجية منجي علي بدر إن مصر تخطط لإنشاء مصنعين لأشباه الموصلات خلال الفترة القادمة بالاعتماد على الرمال البيضاء التي تمتلك مصر مخزونًا استراتيجيًا منها.

 

وأكد بدر في لقاء تلفزيوني على فضائية صدى البلد إن أشباه الموصلات صناعة استراتيجية يمكن لمصر الدخول فيها مدعومة بمخزونها من الرمال البيضاء في كل من سيناء والصحراء الغربية.

 

ومع تصاعد التوتر بين كل من الصين وتايوان بدأت الانظار تتجه صوب التأثيرات المتوقعة في حالة أي تطور إلى تأثير ذلك على صناعة أشباه الموصلات حيث تستحوذ تايوان على أكثر من 60% من أشباه الموصلات في العالم.

 

وتشير بعض المؤشرات أن احتياطي مصر من الرمال البيضاء يبلغ نحو 20 مليار طن ، موزعة على صحاري مصر المتنوعة وهي المادة الخام لعنصر السليكون، وهو الخام الرئيسي فى صناعة الخلايا الشمسية والرقائق الإلكترونية وترجع جودة الخام المصري إلى نقاؤه الكبير، حيث تصل نسبة تركيز خام السيليكا إلى 98,8% في الرمال المصرية، بينما تقل نسبة أكسيد الحديد غير المرغوب فيه عن 0,01%، و توجد أهم المناطق التي تتوفر بها تلك الرمال فى مصر في “وادي الدخل” جنوب غرب الزعفرانة بالصحراء الشرقية.

 

و يبلغ سمك الطبقة الرملية بها 100 متر بدون غطاء صخري و هو ما يقلل من تكلفة الإنتاج و سهولة استخراجها، كما تتوفر كميات هائلة منها في وادي قنا بسمك كبير, بالإضافة إلى جبال يلق و المنشرح بشمال سيناء ، و منطقة أبو زنيمة و هضبة الجنة بجنوب سيناء و التي تتوفر بها كميات ضخمة من الخام ذي الجودة العالية.

 

الصراع الصيني التايواني يهدد العالم

 

يأتي هذا في الوقت الذي يشهد فيه العالم محاولات لتعديل موازين القوى في مجال تصنيع تلك الوحدات الأساسية في صناعة الإلكترونيات بعد إعلان الولايات المتحدة مؤخرًا اعتماد قانون لتشجيع صناعة أشباه الموصلات بحزمة تحفيزية قيمتها 52 مليار دولار، إلى جانب الخطة الأوروبية لجذب مصنعي أشباه الموصلات للقارة لمواجهة استحواذ الصين وتايوان على الصناعة بشكل شبه حصري.

 

ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن قانونا لمنح مساعدات بقيمة 52 مليار دولار لإحياء قطاع انتاج أشباه الموصلات وغيرها من أدوات التكنولوجيا المتقدمة في الولايات المتحدة لمواجهة النمو الصيني المطرد في الصناعة، يشتمل هذا القانون التي أطلق عليه “ذي تشيبس أند ساينس آكت” على نحو 52 مليار دولار لتعزيز إنتاج الرقائق، وهي مكونات صغيرة لكنها قوية وصعبة التصنيع نسبيا تعتبر أساسية في كل الآلات الحديثة،كما يخصص القانون الذي تبناه الكونجرس نهاية يوليو عشرات المليارات من الدولارات للبحث والتطوير.

 

وتوقع منجي أن تبدأ مصر في خطتها الاستراتيجية لتصنيع أشباه الموصلات قريبًا عبر مجمعين للصناعة في شرق مصر بسيناء، وغربها بالصحراء الغربية.

 

منافسة أوروبية

 

يهدف الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج خمس الرقائق الدقيقة في العالم بحلول عام 2030، مقارنة بـ10% تقريباً في عام 2020، وهي الخطة المعروفة بقانون الرقائق، حيث تتيح للدول الأعضاء تقديم مساعدات حكومية لمنتجي الرقائق من أصحاب المشاريع المُصنفّة ضمن فئة “الأولى من نوعها” في القارة.

 

من ناحية أخرى تواجه إسبانيا تعطل في خططها لضخ 12.3 مليار دولار في بناء صناعة أشباه موصلات محلية نظرًا لتوافر عدد قليل من المصنعين المهتمين، ويتمثل التحدي الرئيسي للصناعة في أسبانيا بإمكانية جذب الشركات الراغبة في الالتزام باستثمارات طويلة المدة، تصل قيمتها إلى مليارات اليورو، حيث فضّلت الشركات اختيار دول مثل ألمانيا التي تملك نظاماً بيئياً قائماً فعلياً لأشباه الموصلات، ويتضمن الموردين والمواهب.

خطة إنتل للتصنيع

 

قال طه خليفة، المدير العام لشركة «إنتل» الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن الأزمة الحالية التي يشهدها العالم الخاصة بنقص الرقائق، ترجع إلى ارتفاع الطلب على المنتجات المستخدمة لتلك الأجزاء، لاسيما من الأجهزة الإلكترونية خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، مشيرًا إلى أن الارتفاع في الطلب على الأجهزة الإلكترونية وبالتالي القطع المستخدمة في تصنيع المنتجات وعلى رأسها الرقائق تسبب في زيادة الطلب عن المعروض في السوق، ونتج عن ذلك أزمة في إمكانية توفير الرقائق المطلوبة.

 

وأضاف في حوار سابق لـ«تكنولدج» أن الأزمة الحالية لم تؤثر فقط على صناعة الإلكترونيات وإنما امتدت لتشمل عدد كبير من الصناعات وبالأخص صناعة السيارات، موضحًا أن بعض التقارير تشير إلى خسائر بقيمة 200 مليار دولار في سوق السيارات بسبب أزمة نقص الرقائق.

 

وأشار إلى أن «إنتل» باعتبارها واحدة من أهم مصنعي المعالجات في العالم أعلنت عن خطة لتصنيع الرقائق في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، مؤكدًا على أن تلك الخطة التي تحمل اسم idm 3.0  ستركز على نشر عدد من المصانع لمواكبة الاحتياج العالمي من أشباه الموصلات والمعالجات.

 

وأكد على أن الشركة من خلال المصانع الجديدة ستتوسع في إنتاج الرقائق وأشباه الموصلات والمعالجات التي تخدم كافة الأحجام من الصناعات بداية من الأجهزة الطرفية، والأجهزة الشخصية، والهواتف، وحتى الأجهزة الكبيرة والخوادم ومراكز البيانات، وحتى الأجهزة الجديدة العاملة ضمن تقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء.

 

تبدأ “إنتل” العمل على موقع متطور لإنتاج أشباه الموصلات بقيمة 17 مليار يورو (18.7 مليار دولار) في مدينة ماجديبورج الألمانية، وفقاً لإعلان الشركة، تتفاوض ألمانيا و”إنتل” حتى الآن بخصوص المبلغ المحدد الذي قد تتلقاه الشركة ولكن المسؤولين المطلعين في ألمانيا قالوا إن الحكومة تخطط لتقديم مساعدات حكومية بقيمة تزيد عن 5 مليار يورو.

 

وأكد خليفة على أن التطورات المستقبلية من شأنها أن تفتح المجال أمام زيادة الإنتاج في المعالجات، مشيرًا إلى أن حجم السوق في الفترة الحالية يبلغ 500 مليار دولار، ومن المتوقع أن تبلغ تريليون جنيه خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع التوسع في الاعتماد على الأجهزة التقنية في كافة نواحي الحياة.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقا